مكة مكتظة خلال موسم الحج وتكتظ بالوفود من جميع أنحاء العالم. الذين جاءوا ليطلبوا وجه الله تعالى ويزوروا قبر نبيهم صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء الحجاج رجل صالح نزل في فندق على أطراف المدينة، وعندما كان أراد أن يتنقل في جميع أنحاء المدينة، سافر في سيارة مستأجرة. لأن أهل مكة يعرفون شعابهم.
كالعادة كان يذهب كل يوم لقضاء حاجته، فيوقف سيارة السائق الشاب من المملكة الذي ظهر في وجهه للتنقل والبلاغة، فبدأ في الدردشة معه حتى مر الوقت بسرعة.
ومن بين الأسئلة التي طرحها الحاج على آذان الشاب سؤال يتعلق بالدراسة. أجاب الشاب أنه كان يدرس الطب، لكن الحاج لم يسمع له جيداً، وظن أنه يقول الأدب، لكن الشاب ابتسم بخجل وأخبره أنه ليس أدبًا بل دواء.
لذا يتساءل الرجل كثيرًا، وهو طبيب ويقود سيارة أجرة! كيف هذا ؟ ابتسم الشاب للمرة الثانية وقال هذه قصة إذا أردت أن تسمعها. رحب الحاج وبدأ في الاستماع، وواصل الشاب حديثه قائلاً كنت طالباً متميزاً وبعثت من المملكة لدراسة الطب في إحدى جامعات تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية، وهناك كنت هناك. ست سنوات بين الدراسة والكتب ولم يكن لدي سوى التطبيق ثم عام الامتياز.
لكن حدث لي هذا العام حادثة مأساوية غيرت حياتي كلها، وجعلتني أترك مهمتي وأعود إلى وطني. كانت والدتي امرأة مريضة كانت تتلقى العلاج، لكن دون جدوى، فنصحها بعض الأقارب بالذهاب إلى مصر لتلقي العلاج.
سافرت هي وأبي وأشقائي السبعة، ولكن عند عودتهم من رحلة العلاج، كانوا على متن عبارة السلام التي غرقت في مياه البحر الأحمر، وكان أخي فقط، وهو طفل يبلغ من العمر نصف عام، و نجت أختي التي كانت تكبره بثلاث سنوات.
وفجأة وجدت نفسي مسؤولة عن أسرة مكونة من طفلين في سرير الطفولة، فوضعت حقائبي وعدت لدعمهم، ومارست دوري الذي أعطاني إياه الله، وبما أنني لم تكن لدي خبرة في تربية الأطفال، فكرت في الزواج من امرأة صالحة تساعدني في ما أنا عليه، ولكن أين هي التي ترضي زوجي لم يكمل تعليمه ومعه طفلان.
تذكرت والدي رحمه الله عندما اتصل بي وأنا خارج المنزل ووعدني بالعروس المنتظرة. هي ابنة صديق أحب شركته وجعله أقرب إليه. في الواقع، طرقت باب صديق والدي وأخبرته بما يدور في ذهني، فوافق الرجل وطلب مني إحضار أقاربي لقراءة الفاتحة والاتفاق على أمور الزواج.
في اليوم الذي ه والد العروس، أخذت بعض أقاربي وذهبت، وفي الجلسة رأيت رجلاً غريبًا لم أقابله من قبل، لكنني لم أهتم وجعلته قريبًا منهم، و بعد أن انتهينا من المصافحة والتعريف، وجدت الأب يطلب من الرجل عقد النكاح، فشعرت بالرهبة من الموقف، لأنني لم أعد عودتي بعد، وفي ذلك الوقت لم يكن لدي ما أفعله. قدم مهرًا أو مهرًا.
لذلك طلب مني صديق والدي أن أخرج المال من محفظتي وأخبرني أنه مهر ابنتي وأنه في ذلك الوقت لم يكن لديه سوى أربعمائة ريال. لذلك أخرجتهم، كان الرجل كريمًا معي لدرجة أنني لم أستطع تخيل ذلك، وأخبرني ما هي أحوالك، يا ابن أخي؟ .
فقلت أي شروط بعد ما فعلتموه بي! قال لي، لكن لديك شرط واحد، أنت تريد ابنتي أن تعتني بإخوتك وتبقى بجانبك حتى يصبحوا شبابًا قادرين على إعالة أنفسهم، وهذا لك، وسيكونون في العقد.
لم أصدق نفسي بسبب شدة التيسير والإحسان الذي منحني إياه الله، وفي تريند تم الزواج، وأنا سعيد جدًا، وحسنت زوجتي إخواني وعاملتهم مثل أطفالها، وبعد ما حدث طلبت. لعام الجائزة في جامعة المملكة، وفي أوقات فراغي أعمل كسائق لهذه السيارة.
من أجل دعم عائلتي الشابة، بانتظار التخرج وأصبحت طبيبة، وفي تلك اللحظة لن أنسى فضل هذه التاكسي لي ولعائلتي، وهنا وصل الحاج إلى وجهته، والحديث بينه وبين الشاب قاطعه بدعوة من الله تكريما لهذا الصبي لأنه يكرم إخوته.