حرب الاستنزاف، وهي الحرب التي خاضها الجيش المصري ضد الجيش الإسرائيلي بعد هزيمة عام 1967 م وحتى عام 1970 م، وكان الهدف من هذه الحرب إنهاك الجيش الإسرائيلي وإرهاقه.
للتأخير
كانت هناك هزيمة ساحقة في الجيش المصري، ستة أيام من القصف والرصاص والغارات الجوية، مما أسفر عن مقتل الآلاف من الجيش المصري وأسر أعداد كبيرة من الجنود، وتدمير جهاز الطيران المصري بالكامل.
يسيطر الألم في كل الشوارع والشعور العام باليأس والإحباط على الجميع. الجيش الإسرائيلي يسيطر على سيناء بشكل كامل، فماذا يفعل الجيش المصري لاستعادة هيبته والهجوم المضاد للعدو الإسرائيلي واستعادة أرضه من جديد؟
بداية حرب الاستنزاف
البداية كانت مع قرار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التزام الصمت وإعادة هيكلة الجيش المصري واستعادة الثقة بالجنود ووضع خطط جديدة من شأنها تعطيل قوة العدو الصهيوني.
البداية كانت بسيطة وهي تبادل لإطلاق النار بين الجنود المصريين والجنود الإسرائيليين نتج عنه خسائر طفيفة، ولكن مع مرور الوقت بدأت العمليات الكبرى والخسائر الكبيرة تتزايد.
أهم الإنجازات في حرب الاستنزاف
معركة رأس العش وقعت هذه المعركة في الأول من تموز / يوليو عام 1967 م، وكانت الشرارة الأولى لحرب الاستنزاف محاولتها الآليات الإسرائيلية لدخول بورفؤاد واحتلالها. تصدت لهم القوات المصرية ودافعت عنهم. بشجاعة للمدينة، وعلى الرغم من تفوق الجيش الإسرائيلي وامتلاكه لسلاح جوي قوي، إلا أن شجاعة المصريين فقط هي التي منعتهم من الدخول.
المعارك الجوية وهي طلعات يقوم فيها الطيارون المصريون بمهاجمة مواقع الجيش الإسرائيلي في سيناء وخسائر كبيرة وهروب الجنود من مواقعهم، وهنا تبدأ مرحلة استعادة الثقة.
معارك مدفعية خاصة في محافظة الإسماعيلية الشرقية وتدمير الدبابات الإسرائيلية وقاذفة الصواريخ، قتل خمسة وعشرون جنديًا إسرائيليًا وجرح ثلاثمائة آخرين.
إيلات في 21 أكتوبر 1967 نجحت القوات المصرية في إغراق المدمرة إيلات إحدى المدمرتين العملاقتين اللتين استخدمتهما إسرائيل، واستخدمت في هذه العملية صواريخ سطح.
وكانت خسارة إيلات بمثابة ضربة قاسية للجيش الإسرائيلي، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى، لدرجة أن الأمم المتحدة تدخلت للسماح للقوات الإسرائيلية بالبحث عن الجثث وإنقاذ الجرحى.
مرحلة الهجوم
في سبتمبر 1968 كان أهم هجوم المدفعية المصرية وكذلك المجموعات التي قاتلت وأطلقت النار على أهداف الجيش الإسرائيلي التي وصلت إلى عمق عشرين كيلومترًا في الجزء الشرقي من القناة، وعدد كتائب المدفعية التي شارك. وبلغت في هذه الهجمات 38 كتيبة لمدة ثلاث ساعات متواصلة.
وتكررت العملية ذاتها في 26 تشرين الأول، وبلغ عدد الألوية هذه المرة ثلاث وعشرون دقيقة، ومدة القصف ساعة وعشر دقائق، تم خلالها إطلاق صواريخ إسرائيلية رصدتها الدوريات الجوية. وقتل في هذا الهجوم 49 جنديًا إسرائيليًا.
المرحلة الشرسة
بدأت هذه المرحلة من 8 مارس 1969 إلى 19 يوليو 1969. في هذه المرحلة، سيطرت القوات المصرية على خط المواجهة واستخدمت المدفعية كوسيلة رئيسية للقتال.
ووقعت أهم الهجمات في 8 آذار / مارس 1969، عندما أسقطت المدفعية المصرية 40 ألف قذيفة على خط بيرليف وعدة نقاط مهمة للجيش الإسرائيلي، حيث دمرت أكثر من 29 دبابة إسرائيلية.
ونحو ثلاثين اندفاعة على خط بيرليف، وتدمير عشرين بطارية مدفعية، وتسببت الهجمات في ستة حرائق في أهم النقاط الإسرائيلية. وفي هذه المعركة استشهد الشهيد عبد المنعم رياض ومجموعته من الجيش الثاني في الحي السادس بالإسماعيلية.
في 13 آذار / مارس شنت القوات المصرية غارات جوية على مواقع للجيش الإسرائيلي وفي الوقت نفسه شن الجيش الإسرائيلي زوارق توغلاً في منطقة البحيرات الجنوبية، لكن العمليتين فشلتا بسبب إطلاق النار. الجيش الإسرائيلي ولم يستطع الهروب منه.
الخطة الهائجة
واعتمدت هذه الخطة على وضع الدبابات المصرية في مناطق المراقبة وعمل ثقوب في الخط المحيط لاختراقها، وفي تريند نجحت الخطة ودمرت الخندق وقتلت الجنود فيه. وتكررت العمليات في مناطق ونقاط كثيرة للجيش الإسرائيلي الذي حاول الرد، لكن قوة المخططات المصرية كانت عقبة كبيرة بالنسبة له.
في 8 يوليو / تموز 1969 كانت هجمات الجيش المصري هي الأشد شهرة حيث اقتحمت قوات الجيش نقاط للجيش الإسرائيلي ودمرت دبابتين وتفجير أربع دبابات. وقُتل ثلاثون جنديًا إسرائيليًا في هذه المداهمة وأسر جندي واحد مقابل صفر خسائر للجيش المصري.
عملية الملاكم
العملية الأخيرة، والتي أدت إلى الإنهاك التام للجيش الإسرائيلي، حيث كان يستهدف سلاح الجو الإسرائيلي، وتألفت العملية من خمسمائة طلعة جوية قصفت بـ 2500 قنبلة، أي ما يعادل 500 طن من الديناميت على أهداف محددة خلال فترة عشرة أيام متواصلة.
في هذه العملية، تم تدمير الرادارات والمدفعية وقوات مختلفة من الجبهة. حاول الجيش الإسرائيلي الرد، لكن الرد كان دائمًا حاسمًا من الجيش المصري والمقاومة العاملة في محافظات القناة.
كانت القوات المصرية ذكية وكان لها الكفاءة التي دفعت الجيش الإسرائيلي إلى إعلان انسحابه والموافقة على هدنة سمحت للجيش المصري بتولي زمام الأمور، ومن الاستعداد حتى حرب أكتوبر 1973، وتجدر الإشارة إلى أن الأشغال ومن أبرز الأعمال الفنية التي تناولت هذه الفترة فيلم “الطريق إلى إيلات” و “السقوط في بئر السبع”.