دور الأمير صباح الأحمد في كتابة تاريخ دولة الكويت

أول محاولة رصينة وجادة لكتابة تاريخ الكويت قام بها المؤرخ والكاتب الكويتي عبد العزيز الرشيد. كان أول من غيّر تاريخها في مؤلف واحد هو كتاب “تاريخ الكويت” الذي ظهر عام 1926.

مع تنامي الاهتمام الإقليمي والدولي بالكويت، خاصة بعد ظهور النفط وتصديره، أصبحت ضرورة وجود كاتب تاريخي بارز يبرز أهميته ودوره، ويمكنه أن يتصدى للتحديات والمزاعم التي تواجهه. التطورات السريعة التي تمر بها الإمارة حول الاستقلال والدستور.

شهد عام 1959 م الحدث الأبرز، حيث تم تشكيل لجنة رسمياً وأخذتها الدولة المهمة على عاتقها.

لم يكن سمو أمير الأمة الشيخ صباح الأحمد معنيا بإنجاز هذا الكتاب، ولعل وجود سموه على رأس إدارة المطبوعات والنشر في ذلك الوقت كان أكثر وعيا بالكويت. بحاجة إلى كتابة تاريخها.

ذكر بدر خالد البدر في مذكراته “رحلة مع قافلة الحياة” أنه عند عودته من لندن عام 1959 م ومع علم مسبق بأن صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الأحمد كان لديه نية ملحة لكتابة التاريخ. الكويت بناء على مصادر موثوقة، سيكون مرجعا موثوقا به، كرر الموضوع وأوضح لسموه أهمية المضي قدما في هذا المشروع.

وأشار البدر إلى أنه يتواصل باستمرار مع سموه لإبلاغه بآخر المستجدات في هذا الشأن.

تشكيل اللجنة

قدم سمو الشيخ صباح الأحمد اقتراحه إلى المجلس الأعلى، وفي 15 ديسمبر 1959 م وافق المجلس على الاقتراح وأصدر أمرًا بتكليف سموه برئاسة اللجنة التي ضمت عبد الحميد الصانع، نصف اليوسف النصف، وأحمد طمان الرومي، ودرويش المقدادي (فلسطيني)، ومحمد العتيبي، وبدر خالد البدر، الذين عيّنوا سكرتير اللجنة عبد العزيز الصراوي.

ولكي نتمكن من فهم السياق التاريخي لعمل اللجنة وكيف ظهر مؤلفها، فإننا نستعرض بشرح طريقة مبسطة ما أحاط بها، وكيفية تعيين أعضائها، بما في ذلك الدوافع والأسباب التي أدت في البداية إلى الاختيار. مؤرخ عراقي يعارض كتابة تاريخ الكويت ثم ينهي اختيار الباحث الفلسطيني أحمد مصطفى أبي حكيمة لإكمال المهمة.

في 28 ديسمبر 1959 ؛ وعقد الاجتماع الأول للجنة، وكلف الصرعاوي والمقدادي بوضع خطة عمل، وقدم الاثنان الخطة التي تضمنت الخطوط العريضة للكاتب ليتم كتابتها.

وبحسب هذا المفهوم، فقد نفذت اللجنة في 18 يناير 1960 قرارات منها

أولا تاريخ الكويت مكتوب منذ نشأتها حتى وفاة الشيخ مبارك الصباح. تتناول الدراسة تاريخ المنطقة، وجغرافيتها، والسكان الذين سكنوها، والآثار الثقافية وعلاقاتهم مع مختلف الشعوب.

ثانيًا تاريخ نشأة الكويت، وكيف نشأت، والقبائل التي سكنتها، والمواطنون الأصليون الذين هاجرت منهم هذه القبائل حتى استقروا في الكويت، مع وصف ملامح الحياة الاجتماعية، وعمل السكان وضرورة ذلك. من هذه السمات في حياة أقاربهم واتصالاتهم بالعالم الخارجي.

جمع الوثائق

وفي ذلك الاجتماع صدر بيان للاستعانة بالباحث الفلسطيني ابو حكيمة وتكليفه بجمع الوثائق والمستندات المتعلقة بالامارة .. وفي الاجتماع الثالث مع اللجنة جرى الاختيار على الاكاديمي العراقي. عبد العزيز الدوري، مدرس التاريخ العربي والإسلامي، لتولي إعداد الكتاب.

في 4 مايو 1960، فوضت اللجنة حسين خلف خزعل للعمل معها. وناقشت اللجنة في جلسة 29 مايو 1960 مواضيع من بينها تشكيل لجنة لدراسة كتب التاريخ التي تدرس في المدارس الكويتية وتصحيح أي أخطاء قد تكون فيها.

في 21 يونيو 1960، ذكرت اللجنة أن بدر الخالد وأحمد أكدا أن الرومي سيساعد الدوري في مهمته. في جلسة 24 تموز 1960، بعد عودة خزعل من مهمة جمع المصادر والوثائق من العراق، قدم تقريرا للجنة حول ما فعله، وعاد الى العراق لاستكمال مهمته.

في جلسة 23 أكتوبر 1960 م، التي حضرها عبد العزيز حسين، أثارت اللجنة مخاوفها من توجهات لدى البعض قد تضر بتاريخ الكويت المكتوب لطلبة المدارس، وأشار عبد العزيز حسين إلى أنه سيكلف لجنة. لدراسة هذه المسألة.

العمل البطيء

خلال عمل سمو الشيخ صباح الأحمد في مديرية المطبوعات والنشر، تم نشر الجريدة الرسمية (الكويت اليوم)، وتأسيس المطبعة الحكومية، وصدور مجلة العربي، وبث قديم. أعيدت الكتب والمخطوطات وصدر قانون المطبوعات والنشر.

يمكن القول أن نشاط الشيخ صباح الأحمد قد يكون انعكس على عمل اللجنة. بعد نشاط لافت في نهاية عام 1959 وطوال عام 1960 توقف عمل اللجنة وتوقف عملها.

ولمعرفة أسباب ذلك يمكن القول إنه في 19 يونيو 1961 تم الإعلان رسمياً عن استقلال الكويت وتصاعد مشكلة الستينيات التي افتعلها عبد الكريم قاسم.

في 17 يناير 1962، تم تشكيل أول حكومة في الكويت. عين الشيخ صباح الأحمد وزيرا للإرشاد والأخبار. في 28 يناير 1963 عين وزيرا للخارجية. شغل منصب وزير الإرشاد والأخبار بالوكالة من 29 ديسمبر 1963 إلى 13 مارس 1964.

ويبدو أن انشغاله بمسؤوليات وزارتي الخارجية والإعلام والأخبار حد بشكل كبير من نشاط اللجنة خاصة مع انكشاف طبيعة الطموحات العراقية .. والأكثر إيلامًا أن اللجنة استغربت. من خلال نهب العديد من الكتب والمخطوطات والوثائق والمراسلات القيمة لحسين خزعل الذي كتب الجزء الأول من كتابه “تاريخ الكويت”. سياسة “عام 1962.

أكمل العمل

في عام 1965، كلفت اللجنة أبي حكيمة بإنهاء تأليف كتاب عن تاريخ الكويت، وكان يعمل في الجامعة الأردنية في ذلك الوقت.

في ذلك الوقت كانت اللجنة قد فقدت عددًا من أعضائها من بينهم المقدادي والعتيبي، فتم ترقية أمين سر اللجنة الصرعاوي إلى أحد أعضائها، وتعيين إبراهيم الشطي في منصب سكرتير اللجنة وكذلك د. يعقوب الغانم.

يمكن القول أن أبا حكيمة، وخلال المناصب الأكاديمية التي شغلها، لم يكن مكرسًا بالكامل للعمل مع اللجنة.

والجدير بالذكر أنه غادر الكويت عام 1958 م ليكمل دراسته في لندن ولم يعتبر هناك حتى أواخر نوفمبر 1964 م.

وفي مطلع عام 1965 م وافقت اللجنة على قرارها بالاستعانة بالدكتور أبي حكيمة لاستكمال كتابة تاريخ الكويت، وبرز الكتاب في نسخته الأولى عام 1967 م تحت عنوان “تاريخ الكويت، الجزء الأول، القسم الأول – لجنة تاريخ الكويت 1967 م. “

Scroll to Top