وفي ترتيب خاص مع أحد موظفي الأرشيف الوطني، حصلت القبس على “8 ملفات / وثائق” عن الكويت تبين عددا مما حدث بين الكويت وبريطانيا وأحداث 1980.
تم تصوير الملفات ووضعها على قرص مضغوط وطباعتها، وهي عبارة عن حوالي 380 صفحة فقط.
وسيتم الحصول على ملفات إضافية مع بداية العام الجديد “لأن عدد الموظفين قليل جدًا بعد إنفاق ما يصل إلى ثلث القوى العاملة في الأرشيف ضمن نطاق المدخرات التي تقودها الحكومة الائتلافية في بريطانيا”.
حدد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الإعلام في حكومة الشيخ سعد العبد الله عام 1980 الشيخ جابر العلي، مخاطر الديمقراطية الكويتية والسلطة السياسية للأسرة في الكويت بأنها أربعة يحاولون الاستيلاء على السلطة والاستيلاء عليها. بشتى الوسائل، ونلخصها في الآتي
الإخوان المسلمون والشيعة واليسار وطبقة التجار.
الأخطار الداخلية
وجاء في بيان من ثلاث صفحات بتاريخ 11 مارس 1980 ومحفوظ تحت الرمز “NBK – 1/12” ومختوم بعبارة “سري للغاية” وتحت عنوان “الأخطار الداخلية” أن الشيخ جابر العلي يعتز به. صداقاته في بريطانيا والحياة هناك، إذ يمتلك منزلاً فخمًا، وعاش فترة من الزمن أثناء غيابه عن العمل السياسي الرئيسي بعد أن فقد ولاية العهد لصالح الشيخ سعد العبد الله الذي تم تأكيده. للشيخ صباح الأحمد، شقيق الأمير، وأفراد آخرين من الأسرة في 18 فبراير 1978.
وذكر البيان أن جابر العلي لم يعجبه شرح طريقة تعيين سعد العبد الله وليا للعهد، واعتبر أنه وقع ضحية “ترتيب ما في الأسرة”.
مأزق
واستشهد البيان بما كتبته السفيرة سيدني كامبريدج بعد أن أدى الشيخ سعد اليمين الدستورية وصدور مراسيم تشكيل حكومته الأولى، أن طريق جابر العلي إلى مناصب عليا بات معطلاً، وأن تعيين الشيخ سعد لمنصب ولي العهد ضروري لمجلس الوزراء وعدم منح وزارتي الداخلية والدفاع للشيخ جابر العلي. كما أراد ذلك يعني أن الأمير جابر الأحمد يمسك شؤون الأسرة بيد من حديد ويعكس نية عدد من الكويتيين المؤثرين الذين يفضلون نزاهة ونظافة يد “أبو مبارك” ولا يمانعون في دعمه. حكم مطلق طالما أنه يحترم مطالب الجميع.
اللافت أن البيان اقتُطع من عدد من الأمور، وخُفي عدد من فقراته بالحبر الأسود، ولم يُشر إلى من قدمه إلى دائرة الشرق الأوسط، حتى لو احتوى على فقرات شبيهة بما ورد فيها. ورد ذكره في التقارير السابقة للسفير في كامبريدج.
وأظهر البيان أن كلمة الشيخ جابر العلي جاءت في مكتبه بوزارة الإعلام والإرشاد، خلال لقاء مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية دوجلاس هيرد، بحضور السفير كامبريدج، تشارلز مايرز وإيان ماكولني. من السفارة البريطانية في الكويت، فيما حضر الجانب الكويتي إضافة إلى الوزير سفير الكويت لدى المملكة المتحدة الشيخ سعود الناصر.
خواطر جابر العلي
واحتوت الوثيقة على أفكار الشيخ جابر العلي بحسب الآتي الديمقراطية مثالية لكنها غير مناسبة للكويت في الوقت الحاضر.
كان من المثالي أيضًا التفكير في أنه من مصلحة الدولة أن يشارك المواطنون في الحياة السياسية لتحسين فرص العيش في الكويت.
في العالم العربي، هناك عدد من الحكام الديكتاتوريين الذين لا يعترفون بشعب الكويت في الديمقراطية … وليس من المؤكد أن مجلس الأمة يمكن أن يركز فقط على الأمور الداخلية وأنه سيتحول بسهولة إلى منبر للعرب. وأنظمة أخرى.
وفي الفقرة الثالثة من البيان حدد جابر العلي ما تريده المجموعات الأربع، وفق ما يلي
أ- الإخوان المسلمون يريدون الاستيلاء على السلطة بدعم من عدد من المثقفين المرتبكين بين اليمين واليسار.
ب- الشيعة الذين وضعوا برنامجاً لتغيير هيكل الحكومة في الكويت والسيطرة عليها.
النفوذ الإيراني واضح في داخلهم ولديهم شخص معتدل للغاية ممثل في الحكومة وفي السلك الدبلوماسي، ويحاولون بناء مساجدهم الخاصة أكثر من ذي قبل، بحسب مدارس الطائفة.
ج- اليسار الذي لم يهتم في السابق بما يجري داخلياً، إذ استوردوا أفكارهم للحكم من الخارج، وكانوا منظمين لاستغلال أزمات الفقراء للوصول إلى الحكم على ظهورهم.
إن التيار اليساري، الذي يضم حالياً البعثيين والشيوعيين وبعض القوميين العرب، يحاول منذ فترة وشيكة أن يلعب على وتر التأمين الصحي والإسكان.
د- التجار الذين لا يملكون مبادئ الحكم ولا يحكمهم إلا الجشع لوفرة الربح، ويمكن إدراج البدو في هذه الفئة الجشعة التي لا تهتم إلا بالمحافظة على مكاسبهم وعاداتهم وتكديس الأموال.
وفي البند الرابع من الوثيقة تحدث الشيخ جابر العلي عن الصراع بين هذه المجموعات الأربع في أي تجمع جديد وعلى حساب الاستقرار في الوطن وحتى استقرار الحكومة التي قد تقع ضحية للصراعات بين معهم.
إن استخدام المنصة البرلمانية لشن هجمات على عدد من الحكومات العربية وفق دعوات خارجية قد يضر بمصالح الكويت وسياستها المتوازنة بين الجميع.
كذلك، قد تحد الجمعية الوطنية من قدرة الحكومة على السيطرة على الصحافة بأكملها ويمكنها الدفاع عن عدد من الصحفيين المأجورين.
نعم يريدون البرلمان. وعندما سأل الوزير البريطاني عما إذا كان الشعب الكويتي يريد برلماناً جديداً، قال الشيخ جابر العلي هذه هي الأزمة. نعم، الكويتيون يريدون البرلمان رغم أنهم رحبوا في السابق بحل البرلمان القديم.
وعندما سأل الوزير عن مستقبل العلاقات الكويتية البريطانية أجاب الشيخ جابر العلي “الكويت عاطفية للغاية تجاه المملكة المتحدة، وفي هذه الحالة هناك ثلاثة عوامل العقلية البريطانية ورولز رويس والويسكي الاسكتلندي”. ”
واضاف ان “الكويت لديها ثقة كاملة وكبيرة في بريطانيا وهذا يعود للحماية التي امنتها بريطانيا في الماضي عندما ارسلت جنودها لحمايتنا من جشع عبد الكريم قاسم.
كما أن الكويتيين تلقوا تعليمهم في بريطانيا ولديهم مطالب اقتصادية والعديد من الاستثمارات في المملكة المتحدة، وللحكومة الكويتية ودائع بالجنيه الاسترليني.
احترم الجميع
شرح الشيخ جابر العلي كيف تحولت الكويت إلى سوق عالمي مفتوح لرجال الأعمال. على هذا الأساس، لا يمكن للحكومة منح العقود إلى البريطانيين أو غيرهم، لكن عليها أن تدقق في كل وممثلي هذه الشركات العالمية في الكويت.
طالب الشيخ جابر العلي بإزالة فكرة ربط العرب بالنفط من الفكر الأوروبي والمساهمة في حل القضية الفلسطينية لأنها تعيق التنمية وعاملاً في عدم وضع الميزانيات المناسبة للتدريب والصحة والتعليم في أكثر من دولة عربية واحدة، رغم أن البعض يستغل الموضوع في المزادات الداخلية أو بين العرب أنفسهم.
وأكد الشيخ جابر العلي أن تعميم الديمقراطية في الكويت والعالم العربي سيزيد من عدم الاستقرار السياسي لفترة طويلة تصل إلى عقود.
وأشار في نهاية اللقاء مع هيرد إلى أنه تحدث بصفته وليس على أساس أنه يمثل السلطة أو كوزير في حكومة الشيخ سعد.
قال “لقد تحدثت بثقة إلى البريطانيين، وكما فكرت بصوت عالٍ”.