الهجرات من الصحراء ارتفعت بشكل واضح وبعد ظهور النفط وبداية طفرة البناء في الخمسينيات. هذه الهجرات من المراحل المهمة في تاريخ الكويت، ومن ضمن تلك الهجرات الهجرات القادمة من الصحراء التي سأتناولها في هذا الموضوع ..
مقدمة تاريخية عن أهل صحراء الكويت القديمة
استقرت صحراء الكويت منذ العصور القديمة. تعود جذورهم إلى الكويت لفترة طويلة، وهم جزء من التركيبة السكانية في ذلك الوقت، وينتمون إلى قبائل شبه الجزيرة العربية. لم يعرفوا الاستقرار في البداية. كانت حياتهم كلها مهاجرة وتنقلوا وراء المراعي والموارد المائية. لعبوا دورًا تاريخيًا عظيمًا لا يمكن تجاهله، حيث شاركوا في معارك الكويت في الأيام الخوالي، حيث أقاموا خلالها أروع البطولات، واستشهد الكثير منهم، واستقر بعضهم في الماضي وعملوا. في الغطس والزراعة، وظهر منهم عدد من تجار اللؤلؤ وعدد من النواخذة، بالإضافة إلى العديد من الغوص المتميز، ومنهم من بقي في صحراء الكويت واستقر فيما بعد. وهم معروفون لدى أبناء الكويت، حيث تربطهم صلة قرابة وقرابة بالعديد من الأسر الكويتية.
وكان تعداد سكان الصحراء الكويتية قديما بلغ عدد سكان الصحراء الكويتية عام 1905 قرابة 13 ألف نسمة بحسب ما ذكره “جي جي لوريمر” في كتاب “دليل الخليج”. الله “كما هاجر الكثيرون إلى منطقة نجد بعد ظهور القرى والهجر، ولعل من الدلالات الواضحة على هذه الهجرات العكسية إلى قرى نجد نزوح مجموعات كبيرة من قبيلة قحطان من آل عاصم، الذي كان يسكن وعاش سابقًا في قرية أبو حليفة الساحلية، وعملوا في مهنة الغوص حتى وقت مغادرتهم عام 1913، انتقل إلى قرية الهياثم بالقرب من الخرج، وهذا ينطبق أيضًا على عدد من المجموعات الأخرى التي تنتمي إلى قبائل شبه الجزيرة العربية الموجودة في صحراء الكويت في الماضي.
دورهم الاقتصادي
كان لأهالي الصحراء الكويتية دور اقتصادي في الكويت القديمة لا يمكن تجاهله، ولم تتوقف قوافلهم. بمجرد وصولهم إلى المدينة القديمة، ازدهرت أسواق المدينة القديمة وازدادت حركة البيع والشراء، وكثيرا ما كانوا يزورون مدينة الكويت في الأيام الخوالي من أجل تلبية احتياجاتهم الضرورية ومشاكل أهالي الكويت.
استقرارهم
كان استقرار أهالي البادية في الكويت قديما على مرحلتين هما
المرحلة الأولى حدثت خلال هذه الفترة هجرات داخلية فردية لسكان صحراء الكويت. حدثت هذه الهجرات في مراحل زمنية مختلفة. استقر بعضهم في المدينة القديمة وبعضهم في القرى وعملوا في مهنة الغوص والزراعة. وهذا ينطبق أيضًا على البدو الذين استقروا فيما بعد والذين يُعرفون بدار العرب.
المرحلة الثانية خلال هذه الفترة حدثت هجرات خارجية مختلطة بأعداد كبيرة بعد ظهور النفط وبداية النهضة العمرانية لأهالي صحراء الدول المجاورة حيث عملوا في النفط وفي الدوائر الحكومية في تلك الفترة.
ويلاحظ أن المرحلتين هما هجرات داخلية وخارجية حدثت في الماضي من الصحراء إلى الاستقرار في مدينة الكويت وقراها، وهذا ما سأوضحه لاحقًا بالتفصيل في فقرات الهجرة الفردية والجماعية.
الهجرات الفردية
هي هجرات داخلية فردية حدثت في الماضي من الصحراء إلى مدينة الكويت وقراها وعلى يد أهل الصحراء الكويتية الذين يعيشون فيها، وقد حدث ذلك في مراحل زمنية مختلفة نتيجة للوضع الاقتصادي والازدهار الذي شهدته. كانت الكويت في تلك المرحلة التي كان لها أثر كبير من خلال جذب بعض أهل الصحراء الكويتية إلى الاستقرار، فاعلة عليها من حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن والخوف من السرقة والنهب، وهزيمة الضعفاء كطرف. نتيجة الغزوات التي تحدث في الصحراء. هذا بالإضافة إلى قلة الغطاء النباتي بسبب الجفاف وقلة الأمطار، حيث عملوا في الغوص والزراعة، وظهر منهم عدد من تجار اللؤلؤ وعدد من النواخاتها. استفادت هذه الهجرات الفردية بعد عام 1912 م، والتي تعرف باسم “عام الفائض”، وهي عام الرخاء الاقتصادي والخير في البلد القديم وله أثر كبير في جذب تلك الهجرات القادمة من الصحراء بحثًا عن مصدر رزق. حيث عملوا في مهنة الغوص والزراعة وكما ذكرت سابقاً فهذا ينطبق على البدو بينهم ومن استقروا فيما بعد وكما يُعرفون في الكويت بـ “عريب دار”.
الهجرات الجماعية
هي هجرات خارجية مختلطة من صحراء الدول المجاورة، ومع بداية التحضر وتوافر فرص العمل للاستقرار في مدينة الكويت وقراها، بدأت هذه الهجرات بازدياد وفي مجموعات كبيرة بعد ظهور النفط. أدت هذه الهجرات الجماعية الخارجية إلى تكوين قرى لم تسكن من قبل في عدد من الأماكن مثل العباسية وسهد العوازم وأمغرة. المقوع والفروانية وجليب الشيوخ والعضيلية وغيرهم. كما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد سكان القرى القديمة مثل الفحيحيل والشعيبة وأبو حليفة والفنتاس والجهراء. توفر الأيدي العاملة في تلك المرحلة.
اسكان سكان البادية
وشهدت الدولة فيما بعد وجود هذه الأعشاش والخيام وانتشارها في مناطق مختلفة من الكويت، وهو ما لا يتوافق مع التطور العمراني والحضاري الذي حدث في بداية الخمسينيات، بالإضافة إلى عيوبها الصحية والأمنية. سبقت تقاليد أهل البادية دراسة كبيرة لكيفية انتقالهم من البادية إلى المدن، حيث وضعت الدولة مخططات لإسكان أهالي البادية في تلك المرحلة في مناطق نموذجية تتوفر فيها الخدمات مثل المدارس ولتعليم أبنائها والمراكز الصحية لنشر الوعي الصحي مع توافر المرافق مثل الملاعب والنوادي والخدمات الاجتماعية وتوفير الأموال اللازمة لرعاية مواشيهم التي هي مصدر رزقهم ودعمهم تطوير الزراعة التي يعمل فيها بعضهم في عدد من الأماكن عن طريق حفر آبار المياه وإنشاء حظائر الأغنام والإبل لحمايتها من الظروف المناخية.
الصعوبات
واجهت الدولة في البداية مشقة في التعامل مع أهل البادية، حيث كان من الصعب إقناع أهل الصحراء بالتحول إلى الحياة المدنية على عجل لأسباب أبرزها صعوبة إقناعهم، لا سيما. البدو، للعمل في الزراعة، حيث يعتبر بعضهم أن وظيفة الزراعة وظيفة وضيعة لا تتناسب مع عاداتهم. لكن مع مرور الوقت، اندمجوا على الفور في المجتمع المدني بعد توظيفهم في الدوائر الحكومية، وأصبحوا فيما بعد ضمن التركيبة السكانية لدولة الكويت، وعمل معظمهم في الجيش والشرطة والدوائر الحكومية. في ذلك الوقت، وساهموا في بناء دولة الكويت الحديثة مع من سبقوهم من أهل الكويت.
في النهاية، يبدو لنا أن سكان صحراء الكويت القديمة تضرب بجذورهم في الكويت في الماضي. في البداية كانت هجراتهم فردية من صحراء الكويت وعلى مدى فترات زمنية، وعملوا في المهن التي عمل بها في الوقت الحاضر في مدينة الكويت وقراها مثل مهنة الغوص والزراعة، وبعد ظهور النفط وتوافر فرص العمل، حدثت هجرات مختلطة من البلدان الصحراوية المجاورة للاستقرار في الكويت، تلتها هجرات أخرى في أواخر الخمسينيات ومنتصف الستينيات، حيث عملوا في الدوائر الحكومية وفي الجيش والشرطة وفي النفط، حيث وضعت الدولة خططًا لإسكانهم في مناطق نموذجية ودمجهم في التركيبة السكانية. لكن هناك هجرات أخرى قديمة وحديثة حدثت من نجد وبلاد فارس وغيرها.