قصة فريا ستارك في الكويت

زارت فريا ستارك الكويت لأول مرة عام 1932، قادمة من بغداد، بحياتها الاجتماعية المعقدة إلى حد كبير. هو يونغ، مستشار البعثة البريطانية العليا في العراق، مع زوجته والسيدة ماريا جيه. هكسلي

وصلوا إلى الكويت في 17 مارس 1932 وغادروها في 19 مارس. وأول ما نظرت إليه وسجلته في كتابها هو أن الكويت مدينة صحراوية صغيرة يقطنها حوالي سبعين ألف نسمة ولم تدخل بعد وسائل العصر الحديث. الحضارة الغربية باستثناء عدد من المعالم المتواضعة مثل الجرامفون أو (بشتختا). كما كانت تسمى محليًا تلك التي حصلت عليها مقاهي الكويت للترفيه عن رعاتها من خلال بث عدد من الأغاني لمطربين مشهورين في ذلك الوقت.

قامت بجولة في أسواق الكويت وأبدت إعجابها بالسلع المحلية المعروضة، فاشترت أربع معاطف نسائية محلية الصنع.

أحب الألبوم السفينة

وأثناء تجوالها وتواصلها مع مختلف فئات المواطنين، تأثرت بتمسك الشعب الكويتي بآداب الفضيلة وحفاظه على العادات والتقاليد المحافظة الموروثة. أكبر واحد.

كما كتبت انطباعاتها عن التحضر، حيث لاحظت خلو جدران المنازل المطلة على الطرقات من النوافذ، مما يضفي على الشارع مزيدًا من الهدوء، وتحظى المنازل بقدر كبير من الخصوصية.

لاحظت أن المنظر العام للناس هناك شبه موحد، الجلباب الأبيض (الدشداشة) للذكور والعباءات السوداء للنساء، الذين لا يسمح لهم بمغادرة بوابات سور المدينة إلا بإرادة خروج مكتوبة. عائلة واحدة.

ولعل أكثر ما جذب انتباهها وأسرها هو عالم البحار بأسراره المذهلة وروائعه. صُنعت هذه البارجة من خشب الساج الذي تم جلبه من مالابار في الهند، بأشرعتها المقوسة العالية وهندستها الإنشائية الرشيقة، وكانت تعتبر من أروع الأشياء التي اعتبرتها أعينها في رحلاتها العديدة. موانئ أفريقيا والبحر الأحمر، حيث حددت البتيل، إحدى السفن الخليجية القديمة التي انقرضت، وقالت إن أمير الغوص كان يستخدمها في قيادته لسفن الغوص لافتتاح موسم الغوص على اللؤلؤ.

لم تخف إعجابها الشديد بتصميم “السامبوك” بخطوطه المنتظمة المتدفقة المتمثلة في مقدمته الحادة وظهره شبه المربع.

وتحدثت بإسهاب عن أنواع السفن الأخرى الجالبوت والبغل، بالإضافة إلى السفن الصغيرة المتواضعة مثل “الورجية”، والتي تم إنتاجها من القصب وأوراق النخيل والتي امتدت مكوناتها إلى الجبال، وكانت تستخدم للصيد بالقرب من الشاطئ.

على هذا النحو، أعطت صورة بانورامية شفافة لبحر الكويت النابض بالحياة، الذي يزدحم على شواطئه بأنواع عديدة من السفن التي تم إنشاؤها على أيدي بناة السفن الكويتية الذين برعوا في هذه الصناعة إلى حد كبير.

الكويت عام 1937

زارت فريا ستارك الكويت مرة أخرى في ربيع عام 1937، ويبدو أن هذه الزيارة تمت بتكليف من المجلة الجغرافية البريطانية «المجلة الجغرافية».

هذه المرة، تصف ستارك الكويت بالتفصيل، كما أمرت بحوالي شهر، وصلت في الثاني من مارس وغادرت على متن سفينة إلى البصرة في 30 مارس 1937.

وتشير إلى الفارق الكبير بين زيارتها الأولى عام 1932 وهذه الزيارة، حيث تهبط طائرة الخطوط الجوية البريطانية الآن مرتين أسبوعياً في مطار الكويت.

ولفت انتباهها التناقض الثقافي الواضح بين منظر الطائرة بإطارها اللامع المصنوع من الألمنيوم والجدار القديم المشيد من الطين الذي يحيط بالمدينة.

يقف ستارك أمام سور الكويت وينجذب إلى بساطته وهندسته المعمارية المحلية. تصف أبراجها التي كانت تمارس مهنة الأمن والاستكشاف لكل ما يحدث خارج السور.

عندما يأخذون مقاعدهم، يراقبون الحركة من خلال البوابات ويفحصون الداخل والخارج بأعين حادة واعية.

ولا ينسون تبادل الأحاديث مع القوافل القادمة من البادية والسؤال عن أحوال الصحراء وآخر أخبارها.

بوابات وصور معبرة

تمتد نظرتها إلى خارج السياج، حيث تُغطى المناطق القريبة منه بالنباتات والأعشاب الصغيرة في الربيع، وتستمر في وصفها لمظاهر الحياة خلال هذا الموسم الذي تتجدد فيه الحياة وتغطي التربة الصفراء القاحلة باللون الأخضر. اللباس الذي يغري الرحلة والاستمتاع بأفراح الطبيعة.

وتصف مجموعات النساء عند عبورهن البوابات مجموعات في ثيابهن السوداء ووجوههن الخفية متجهة إلى الأرض في تلك العادة السنوية التي اعتادها أهل الكويت.

تضاف إلى هذه الصورة التعبيرية عناصر أخرى إلى امتلائها عندما ترى الحمير الصغيرة بآذانها الطويلة تهرول – في الصباح – وهي تحمل الجبس (الجبس) من المحاجر خلف السياج، وكذلك قطعان الماعز والأغنام التي يعود بها الرعاة عندما تتحول الشمس إلى غروب الشمس وهم يتدافعون، تتحرك بسرعة من أجل الدخول عبر البوابة، لذلك يبدو وكأنه سجادة من القطيفة السوداء تتدفق شيئًا فشيئًا من البوابة إلى الحائط، يقودها رعاةها ودفعهم إلى مناطق تجمعهم، حيث ينتظر أصحابها أن يأخذوا كل منهم ماعزه إلى بيته، ويسندها أصحابها إلى الرعاة طوال اليوم نتيجة لثلاثة أنس في الشهر (حوالي 15 فلسًا) .

محتوى الكتاب والزيارتين

زارت الكويت مرتين، الأولى عام 1932 والثانية عام 1937. جاء وصف الكويت من عدة مصادر وتصوير عدد من معالمها، أولها في كتاب “ماليس روثفن” بعنوان “فريا ستارك”. في العراق والكويت ”نُشر في لندن عام 1994، والثاني هو المقال الذي نشرته فريا ستارك في مجلة Geographical Magazine، في عدد أكتوبر عام 1937.

بالإضافة إلى مجموعة الرسائل التي أرسلتها من الكويت في زيارتيها الأولى والثانية.

تم الحصول على الحروف المذكورة من مصدرين رئيسيين أولهما كتاب فريا ستارك “ما وراء نهر الفرات”، والذي يتضمن سيرتها الذاتية كما كتبت عن السنوات من عام 1928 إلى عام 1933.

والثاني هو كتاب “رسائل فريا ستارك” الذي نُشر في ثمانية مجلدات بين عامي 1974 و 1982. ويتضمن الكتاب المذكور جميع الرسائل من عام 1914 إلى عام 1980، وهو مصدر مهم عن حياة هؤلاء الرحالة وتحركاتهم وحيويتهم. صلاتهم مع الناس.

يتضمن هذا الكتاب عرضا للمقال الذي نشرته فريا ستارك عام 1937 في المجلة الجغرافية وترجمة لجميع رسائلها التي تتضمن وصفا دقيقا لجوانب الحياة في الكويت خلال الثلاثينيات من القرن العشرين.

جدير بالذكر أن جزءًا كبيرًا مما ذكرته في رسائلها كان مادة للمقال الذي نشرته فريا ستارك في المجلة الجغرافية.

تم تصوير هذه الأحداث من قبل أبناء العم ونشرت في أرشيف سلاح الجو الملكي البريطاني.

Scroll to Top