موقع الكويت المتميز على الخليج العربي من جهة، والخليج المتفرّع عنها من جهة أخرى، أعطى الوطن ضرورة كبيرة، وسمح لشعبه بالاستفادة من موقعه بشكل جيد، الأمر الذي أفاد الجميع بما في ذلك دول الجوار. التي كان ميناء الكويت يزودها لفترة طويلة بجميع السلع التي يحتاجونها. ووجد عدد من المشتغلين بالعمل من أبناء تلك الدول لديهم إمكانية كبيرة لكسب الرزق، سواء كان ذلك دخول البحر على متن سفن كويتية للعمل مع عمال كويتيين عليها أو القيام بأعمال أخرى تتعلق بالنشاط البحري بشكل عام. . بالإضافة إلى ذلك، فقد أدى العمل في البحر إلى ظهور صناعة السفن، والتي كان لها دورها في تلبية احتياجات الأمة من السفن الشراعية التي تبحر إلى عدد من الدول وترسل معها البضائع وجلب ما يمكن جلبه منها. تلك الموانئ التي يبحرون إليها، والعمل في بناء السفن أدى إلى إنشاء صناعات أخرى تخدم الورش التي نشأت لأداء هذه المهمة، ولا ننسى أن من أبرز هذه الصناعات الحدادة، حيث يقوم الرجال العاملون بها بصنع كل ما يحتاجه صانع البارجة من مسامير وغيرها حتى لا يحتاج إلى إحضارها من خارج البلاد. كان النشاط البحري في الكويت قويا منذ قدوم رجال الأول، واكتشفوا أن مصدر رزقهم سيكون من خلال هذا البحر الممتد أمامهم. مررنا في إحدى المقالات في الأوقات والأماكن التي استحوذت فيها الكويت في عام 1839 م على أسطول بحري كبير مجهز بمعدات طبية، وكانت مسؤولة عن نقل البضائع إلى عدد من الموانئ، بما في ذلك ميناء الحديدة. اليمني الذي تسلم في شهر تشرين الثاني من العام المذكور سفينة كويتية رفعت عنه بضائع كانت متجهة إلى القطيف. من واقع هذه الحادثة يتضح لنا أن السفن الشراعية الكويتية ربما كانت تقوم بمهامها قبل هذا التاريخ بوقت طويل، إذ لا يمكنها أن تمتد إلى المستوى المذكور في المعلومات، فقد وصل الأسطول الكويتي إلى هذا المستوى منذ انطلاقه. قبل عام 1839 م. بدأ الحديث عن ميناء الكويت وأهميته في سن مبكرة، وقد وصفه عدد من الرحالة وممثلي الدول، وخاصة البريطانيين منهم، واتفقت جميع الآراء على ضرورة هذا المرفق للكويت. بعد ذلك بالنسبة للمنطقة بشكل عام، وقد يتفاجأ المرء عندما يرى تاريخ كل بيان من هذه التقارير التي كتبها هؤلاء الأشخاص، وسنلخص بعضها لضرورة ذلك في موضوعنا هنا، رغم أننا وسبق أن بسط الموضوع في مقال “الكويت على ألسنة زوارها” بدت عبر “الأوقات والأماكن”، ولا نريد أن يكون ما نقدمه هنا تكرارًا لما ذكرناه في ذلك المقال. بدلاً من ذلك، ما نهدف إليه هو تحديد مقتطفات لاستنتاج ما نريد الوصول إليه هنا. من أقدم الذين تحدثوا عن الميناء البحري الكويتي رحالة عربي اسمه مرتضى. زار ابن علوان الكويت سنة 1709 م، وهو في طريق عودته من الحج، وتوجه من هناك إلى وطنه سوريا عن طريق العراق، وفي حديث قال قمح وغيره ”. وعندما جاء عام 1790 م، كتب صموئيل مكنستي وهارفورد جونر، وهما على التوالي، مدير ومساعد مدير الوكالة التجارية البريطانية في البصرة، تقريرًا عن تجارة شبه الجزيرة العربية وبلاد فارس، وقالا عن القرين (فيما بعد الكويت). ) “القرين ميناء بحري يقع على الساحل الغربي للخليج بالقرب من رأسه، والقرين كانت منذ زمن طويل في حوزة بني عتبة، وكانت من حين لآخر ضرورة تجارية. حلب وإزمير والقسطنطينية … كان الرفيقان دائمًا – عبر الصحراء – في علاقة ناعمة مع بغداد وحلب، وكانت قوافل البضائع الكبيرة والوفرة تتنقل بينهما وبين المدينتين المذكورتين “. بعد سنة كتابة البيان، وهي 1790 م، لا بد أن تعود بنا إلى العام الذي تأسست فيه الكويت، وهو عام 1613 م. لها من كل البلاد وقال إن من أتى إليها عدد من التجار الكويتيين، وقال عن هؤلاء “… المشتغلون بالتجارة من الكويت والقرين وهي الميناء البحري الكبير الذي يقع. في ذلك الجزء من شبه الجزيرة العربية “. وهكذا نرى أن كل الظروف ساعدت على جعل الكويت دولة ناجحة تجارياً، من موقع جغرافي مناسب يقع بين عدد من الدول، إلى ساحل صالح للملاحة وميناء مناسب للرسو والإقلاع، إلى أسطول بحري تجاري يديره رجال. القادرون على إدارتها والتجار الذين يعرفون كيفية تنفيذ الأعمال التجارية التي وضعتهم وبلدهم في مكانة مرموقة بين تجار المنطقة. *** كثر الحديث عن الكويت من حيث عدد السكان، نشاطهم واستعدادهم الفطري للعمل في الملاحة والتجارة. كان في طور النمو السريع، ومن بينهم JB Brooks، الذي كلف من قبل الحكومة البريطانية لهذا الغرض، وحتى أنه طلب منه لمدة عام أن يكتب، بعد دخوله الخليج، تقريرًا عن الجمارك، والتجارة، و من مصادر راتبه، في عام 1859 م، أشاد بمكانة الكويت التجارية، وقال إنها تميزت بموقع جغرافي جعلها تتاجر بأبناء الصحراء ووسط الجزيرة العربية، حيث تمدهم بالقمح، قهوة ومنتجات الهند. والقمح والقطن، حيث تستورد البن من اليمن، والتبغ والفواكه من بلاد فارس، والقمح والتمور من البصرة، وفي ضوء ذلك تصدر الكويت السمن والخيول التي تحصل عليها من رجال الصحراء ضمن عملية المقايضة التي تأخذ ضعهم من خلال تزويدهم بأنواع البضائع التي يريدون تسليمها على الخيول التي تواجه سعرها. في رحلة بعد رحلة جورج ب. بروكس، انطلق جي إتش ستاكويلر من بومباي في عام 1831 م على متن سفينة كويتية من نوع “ميول”، والتي كانت تسمى “الناصرية” متجهة لنقل البضائع من الطمأنينة والبضائع. الى الكويت. لكل منهما، وفي طريقه توقفت في ميناء مسقط لنقل الجلود والحصائر. ما ذكره الرجل هنا يشير إلى أن هذه السفن الشراعية الكويتية لا تتخلى عن الاحتمال دون الاستفادة منها، حيث رأينا نقل البضائع والأفراد والتوقف في طريقهم ذهابًا وإيابًا في عدد من الموانئ، وأشار إلى أننا مع سكويلر. عام 1830 م. قد تكون مهتمًا بـ
بعد ثماني سنوات من هذا التاريخ، دخل الملازم فيليكس، من البحرية الهندية البريطانية، الكويت وعرج على جزيرة فيلكا في نوفمبر 1839 م، وكتب تقريراً هاماً عن تجارة الكويت تحدث فيه عن وارداتها من الفواكه والخضروات والقمح، الشعير والأرز والعدس مع ذكر مصدر كل من هذه المواد. وأشار إلى أن واردات الكويت من الأخشاب التي تبنى عليها السفن تأتي من الهند. في اليوم الرابع والعشرين من شهر إبريل من عام 1841 م تسلمت اللجنة السرية بمجلس إدارة شركة الهند الشرقية خطابًا سريًا كتبه النقيب هاينل الذي زار الكويت في العام المحدد وكتب فيه تقريرًا، وتحدث بإسهاب عن كل ما يتعلق بالكويت من الناحية الاجتماعية والديموغرافية، ومن حيث النشاط البحري بكافة أنواعه، وعن الازدهار الاقتصادي الذي يسود البلاد على الرغم من عدم وجود موارد أخرى غير التجارة وتناثر الأعمال البحرية، وجميع كان هذا مدعومًا بقدرة الناس على مواجهة الظروف الصعبة. والوقوف في وجه الأحداث العاصفة وكسب الرزق من جميع المسارات المشروعة بفضل عون الشعب وتضامنه وحياته الخالية من الفتنة والعداء. الذي سبقه من حيث فهمه للعديد من الأمور المتعلقة بالبلاد، ومن حيث توسعه في الحديث عن ملاحظاته. زار هذا الإنجليزي الكويت عام 1841 م، كما ذكرنا ووصفها بأنها تصور حالة ازدهار اجتماعي، وكان عدد سكانها يقارب خمسة وعشرين ألف نسمة، وكانوا يمتلكون السفن حوالي ثلاثين (ميول) و ( باتيلا)، وكلها تستخدم في التجارة المستمرة مع الهند، كما أنها تمتلك حوالي ثلاثين سفينة متوسطة الحجم تستخدم في مجال النقل بين موانئ الخليج وهو ما يسمى (القطاع)، بالإضافة إلى ثلاثمائة. وخمسين سفينة صغيرة تستخدم في وظيفة الغوص. في هذا الصدد، يقول هنلي “هذه المدينة تعطينا نموذجًا للازدهار التجاري، ولديها كل الخصائص الأولى. بناء ميناء رائع، وعدد سكانه كبير، حيث يمكنه توفير 6000 رجل قادر على حمل السلاح، ويبلغ عدد سكانه في المتوسط 25 ألف شخص، ويمتلكون 31 بغل وبيتيلا، ويمكن أن تحمل من 150 إلى 300 طن من البضائع.، ودائمًا ما تتاجر مع الهند، ويوجد بحوزتها 50 سفينة صغيرة للتجارة مع دول الخليج، ونحو 350 قاربًا تعمل في صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ. ولا الخلاف الذي يجعل الجماعات الأخرى تخاف منهم. من ناحية المصداقية، يردون على الإهانة أو العدوان دفعة واحدة، وهم ليسوا متعجرفين ولا يهاجمون جيرانهم المسالمين، والقرصنة نادرة، وحكومة الشيخ جابر حكومة أبدية، وهو وأبناؤه يرتدون ملابس شبيهة ملابس المواطنين الآخرين ويسكنون في مساكن شبيهة بمنازلهم وفرضوا اشتراكًا جمركيًا صغيرًا على مشتريات ومبيعات الوافدين إلى البلدة، ولا يتجاوز دخل البلدة التي يستولي عليها الشيخ 300 دولار سنويًا، بالإضافة إلى الإيرادات التي يجنيها من سفنه التجارية التي يرحب بها جميع الأفراد في التجارة، وهذه الحرية التي يتمتع بها الجميع مع عدم وجود أي تدخل من جهة خارجية يجعل الشيخ جابر وأبنائه محبوبين من رعاياهم إلى مكانة عظيمة. درجة، والموضوعات مخلصون جدًا لهم بنسبة غير عادية ومستعدون للإجابة على أي طلب منهم، سواء كان طلبًا لممتلكاتهم أو أي شيء آخر “. استمر النشاط التجاري في الكويت عن طريق البر والبحر. امتد تدفق التجارة عبر الكويت بحراً إلى شرق إفريقيا عبر عدن بالإضافة إلى القارة الهندية، وامتد براً إلى شمال سوريا. وفي مدينة حلب توقفت قوافل الجمال الكويتية بعد ذلك لنقل البضائع والبريد. تعود من هنا مع غيرها من السلع التي لها سوق في الكويت ومحيطها. *** كانت القدرات الكويتية دافعًا قويًا لتأسيس نشاط تجاري واسع، وتمثلت هذه الإمكانيات في موقع ممتاز، ومرسى مناسب، وميناء قوي. والأسطول البحري الكبير والقدرة على القيادة وفهم أساليب التجارة التي دفعتها للاستفادة من الموقع الجغرافي. قديما، وهذا ما أشرنا إليه، كانت الكويت سوقا واسعا للمنطقة، يأتي إليها تجارها لشراء ما يحتاجون إليه دون عناء، حيث تتوفر كميات من جميع أنواع البضائع، وحتى البضائع الخاصة التي يحتاجها هو موجود، رغم أن أطفال الكويت لا يحتاجونها.