تعد معاهدة ترسيم الحدود لعام 1913 من الاتفاقيات المهمة في تاريخ الكويت، والتي تمت في عهد المغفور له الشيخ مبارك الصباح، رحمه الله، بعد سنوات من توقيع اتفاقية الحماية. اتفاقية عام 1899، أبرمت بين حاكم الكويت الشيخ مبارك وحكومة جلالة بريطانيا، واستمرت سارية المفعول لفترة من الزمن. وبقيت معاهدة الحدود لعام 1913 سارية المفعول رغم عدم اعتمادها حتى عهد الشيخ سالم المبارك رحمه الله، حيث توترت العلاقات بين الكويت ونجد في عهده حيث تمسك بحدود الكويت الموضحة في الصورة. ذلك الاتفاق ولم يتخل عنها الا في عهد الشيخ احمد الجابر طيب. رحمه الله. لقد تغير ميزان القوى. لم تلتزم بريطانيا باتفاقية 1913 الموقعة مع الشيخ مبارك. وأظهرت انحيازها الواضح لح حكام نجد والعراق بعد مؤتمر العقير الذي عقد لترسيم الحدود بين دولتي الكويت ونجد والعراق عام 1922 م، ولم يمثل فيه أي من كبار مسؤوليه الكويت. هذا المؤتمر، بدعوى أنه ما زال حادثة تحت الحماية البريطانية، ومثلت الكويت في هذا المؤتمر من قبل المفوض البريطاني في الكويت في تلك المرحلة، الذي لم يتحرك وظل ساكنا طوال هذا المؤتمر خلال هذا المؤتمر. ولم تطبق بريطانيا هذا المبدأ مع العراق الذي كان تحت الانتداب البريطاني في تلك المرحلة، وما ينطبق على الكويت ينطبق عليها.
الشيخ أحمد الجابر رحمه الله لم يرضخ في البداية وناشد السلطات البريطانية الالتزام بالحدود الكويتية التي نصت عليها معاهدة 1913، لكن السلطة البريطانية لم تستطع أن تقول إن الاتفاقية باطلة. وغير موافق عليها، وأنه لم يعتبرها ضرورية بزوال الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وتاريخياً تعتبر معاهدة 1913 هي أول ترسيم رسمي لحدود الكويت القديمة. الأحداث التي وقعت قبل توقيع الاتفاقية مع حدود معاهدة 1913 لترسيم الحدود، بالإضافة إلى بيانات أخرى.
مقدمة تاريخية

الشيخ مبارك الصباح رحمه الله هو المؤسس الحقيقي للكويت، وتعرضت الكويت في عهده لجشع وضغوط أجبرته على توقيع اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1899. تحريضه من خلال تقديم الدعم الكامل للموالين لها، مثل عبد العزيز الرشيد، الذي وعد العثمانيون بزيادة نفوذ أراضيه لتمتد إلى الكويت، لكن الشيخ مبارك كان أقوى من خصمه في الحفاظ على استقلال حدود الكويت. . من الشيخ مبارك ولا بن راشد استطاع أن يمد نفوذه إلى الكويت.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الوقف، إذ استمرت الدولة العثمانية في التآمر وخرق العهود، واستمرت في محاولاتها لمضايقة الشيخ مبارك، بل وصلت إلى حد القتل والتخلص منه، الأمر الذي دفع الشيخ مبارك إلى مطالبة بريطانيا. للتصدي لوضع حد لهذه الهجمات المستمرة على الكويت من قبل الدولة العثمانية.
في عام 1901 م، اندلعت مناقشات بين بريطانيا والإمبراطورية العثمانية على خلفية هذه المضايقات. نتج عن هذه المناقشات في البداية إصدار بيان رسمي من اللورد لانزون، وزير الخارجية البريطاني، الذي سلم نسخة منه إلى السفير “أنثوبولو باشا”، سفير الدولة العثمانية في العاصمة البريطانية، ينص على أن الحكومة البريطانية لن تغير علاقتها بالكويت ولن تحولها إلى محمية بريطانية بشرط ألا ترسل الإمبراطورية العثمانية قوات عسكرية إلى الكويت. في سبتمبر 1901، كشفت الدولة العثمانية التزامها والحفاظ على هذا الوضع الراهن وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للكويت وتحريض الموالين لها.
لكن هذا الوضع لم يدم طويلا، وبعد عام من القرار الرئيسي البريطاني، تنكرت الإمبراطورية العثمانية، كالعادة، هذا البيان. وفي عام 1902، أرسلت قوات عسكرية بهدف تقليص نفوذ الشيخ مبارك في أم قصر وصفوان وجزيرتي وربة وبوبيان، بدعم من ألمانيا، لاحتلال أراضي شمال الكويت والسيطرة عليها. للاستفادة من الممرات المائية والمناطق الساحلية في خور عبد الله والير لتأمين اختتام خط السكة الحديد المزمع تشييده في كاظمة من قبل ألمانيا عندما طلبت من الشيخ مبارك شراء أرض كاظمة ويكون ختام خط السكة الحديد الذي تم استيفائه. مع رفض الشيخ مبارك الكامل للمطالب الألمانية، حيث طلب من مبعوثها مغادرة أراضي الكويت فوراً، لنيّة خبيثة للإمبراطورية العثمانية وألمانيا.
ما فعلته الدولة العثمانية في تلك المرحلة كان تعديًا صارخًا على جزء من الأراضي الكويتية، بدعوى أن تلك الأراضي كانت ضمن حدود ولاية البصرة التابعة للدولة العثمانية في تلك المرحلة، مما دفع الشيخ مبارك إلى تقديم احتجاجًا على ما قامت به الدولة العثمانية، مشيرًا إلى أسباب احتجاجه على النحو التالي
1. منع وجود استنفار لتلك الأراضي التي احتلت ولاية البصرة كما تدعي الدولة العثمانية كونها من داخل إمارة الكويت وفيها كانت قلاع أجدادهم التي بنوها واستقروا فيها منذ زمن بعيد.
2. تبعية القبائل الموجودة في تلك الأراضي لسيطرته على الشيخ مبارك، ويعمل بعضهم في صيد الأسماك والغوص بحثاً عن اللؤلؤ في المناطق الساحلية.
وأدى اشتداد الموقف إلى تدخل بريطانيا لوضع حد لاعتداء الدولة العثمانية على الحدود الشمالية للكويت بالتزامها باتفاقية الحماية الموقعة مع الشيخ مبارك. وكتب تقريره في 28 فبراير 1902 م، أظهر فيه حقوق الكويت في تلك الأماكن، وعلى بقايا هذا البيان، قدمت بريطانيا اعتراضًا على الباب العالي احتجاجًا على هذه الانتهاكات.
اقرأ أيضا
بعد هذا الاحتجاج، اتضح للإمبراطورية العثمانية أن الكويت وقعت اتفاقية حماية مع بريطانيا، ولم يعد هذا الاتفاق مخفيًا. كلف اللورد كويزون المقيم البريطاني في الخليج، العقيد كامبل، بدراسة الوضع الكويتي من القريب والبعيد إلى الإمبراطورية العثمانية. أعد العقيد كامبل بيانا لكشف نوعية العلاقة بين الكويت والدولة العثمانية. منع دولة الكويت من التبعية للإمبراطورية العثمانية. فيما يلي عدد من النقاط المستمدة من تصريح العقيد كامبل
1. أشارت التقارير الواردة في أرشيفات الحكومة البريطانية في بومباي إلى أن “السكان الكويتيين الأصليين جاءوا إليها من نجد، وهم قريبون ومتصلون بأقاربهم في نجد، بالإضافة إلى أن لهجتهم وتقاليدهم أقرب إلى اللهجة. أهل نجد من البلدان المجاورة الأخرى “.
2. منع الكويت من الانصياع للدولة العثمانية منذ نشأتها، وقد تصدى حاكمها لكل محاولات الدولة العثمانية والدول المجاورة للتدخل في شؤونها الداخلية. كانت الكويت كياناً مستقلاً منذ نشأتها وما زالت كذلك.
3. لجأ العديد من الثوار ضد الدولة العثمانية إلى الكويت وأقاموا فيها.
4. طوال تاريخ الكويت، لم تكن هناك حامية عثمانية على أراضي الكويت، ولم يقم حاكم الكويت بأية التزامات مالية تجاه الدولة العثمانية إلا لفترات قصيرة وفي ظروف معينة.
5. كانت الدولة العثمانية تدفع رواتب شيوخ الكويت كل عام نتيجة حمايتهم لشط العرب.
6. رفعت الكويت العلم العثماني في الكويت، ليس للتبعية، ولكن كاحترام ديني لدولة الخلافة الإسلامية.
من تصريح العقيد كامبل يبدو لنا أن الكويت منذ نشأتها كيان مستقل بذاته عن الدولة العثمانية، ولم يكن للدولة العثمانية أي سيطرة على الكويت منذ نشأتها.
في عام 1903، اعتمد اللورد لانسدون على هذا البيان خلال جلسة مجلس اللوردات وقال “شيخ الكويت تحت الحماية البريطانية ومرتبط بمؤسسات الحماية والاتفاقيات الخاصة”. هذا هو أول بيان رسمي بريطاني بخصوص معاهدة الحماية الموقعة عام 1899، حيث طلبت الحكومة البريطانية من حاكم الكويت عدم رفع العلم العثماني واستبداله بلافتة أخرى. واحتج الشيخ مبارك على هذا الطلب كمسلم وليس كموضوع للإمبراطورية العثمانية، وتم حل هذه الأزمة في معاهدة عام 1913 م بموافقة بريطانيا على رفع علم الشيخ مبارك لإضافة كلمة “الكويت” إليه من أجل التمييز. من علم الدولة العثمانية.
ترسيم الحدود

في عام 1904 قامت الحكومة البريطانية بأول محاولة لترسيم الحدود. تم ذلك على طريق من خور الصبية مروراً بالجانب الجنوبي لأم قصر وصفوان باتجاه جبل سنام نزولاً إلى وادي الباطن، الأمر الذي أدى إلى معارضة الشيخ مبارك الصباح لهذه المحاولة، حيث كان يعتقد أن هؤلاء سيتم اقتطاع مناطق من الكويت ويقصد بها أم قصر وصفوان، هذا بالإضافة إلى منع معالجة ترسيم الحدود البحرية والجزر التابعة لها من شط العرب إلى الحدود الجنوبية.
في عام 1907، تم تشكيل لجنة من حكومة الهند مهمتها ترسيم الحدود الكويتية. وأصدرت تعبئة جزيرة بوبيان وجزيرة وربة للكويت، وأجلت الرؤية في باقي الأماكن، حيث حرص البريطانيون على دراسة الوضع الراهن بشكل أوسع، لاتخاذ قرار ترسيم الحدود.
في عام 1908 م بعد استيلاء الفدراليين على السلطة في البصرة، قاموا بعدة محاولات لإخضاع الكويت لهم، لكن رد الشيخ مبارك كان حازمًا على افتراءهم وتأكيده على وجود استقلال الكويت عن السلطة العثمانية في البصرة، وكان هو كذلك. حرصاً على تسمية نفسه حاكم الكويت وقبائلها عند مخاطبتهم تعويضاً من عنوان “القائمقم” الذي كانوا يسمونه، ثم بدأ الوحدويون باستخدام نفس الأسلوب العثماني القديم بتحريض القوات المجاورة للشيخ مبارك. رحمه الله ومنها تحريض عشائر المنتفق على مضايقة الشيخ مبارك واستخدام عهود أخرى للضغط على الشيخ مبارك لإجباره على التنازل عن العرش. ومن بين هذه الأوراق ممتلكات وممتلكات خاصة كانت عائلته في البصرة والفاو، حيث رفضوا تسجيل الأراضي بحجة أنه ليس عثمانيًا ولا يمتلك وثائق عثمانية تثبت صحة حيازته لتلك الأراضي. وقد سجل الشيخ مبارك هذه الممتلكات سرا في القنصلية البريطانية في البصرة، وعندما علمت السلطات العثمانية بذلك، تعدوا على أراضي ونخيل الشيخ مبارك.
في فبراير 1911، بدأت بريطانيا مفاوضات مع الإمبراطورية العثمانية، واستمرت أكثر من عامين، وانتهت بتوقيع معاهدة 29 يوليو 1913. خلال المفاوضات، دارت وجهات النظر البريطانية حول المحاور التالية
1 – منع الكويت من الخضوع الفعلي للإمبراطورية العثمانية، بناءً على التقارير التي وردت من الرحالة الأوروبيين الذين زاروا الكويت على مراحل بين الحين والآخر، حيث أوضحوا ذلك في تقاريرهم، ومن بين تلك التقارير تصريح السيد لويس. بيلي، الذي قدمه إلى حكومة بومباي عام 1863 م.
2. موافقة الدولة العثمانية على سحب قواتها من الأراضي الشمالية للكويت واعترافها باحتلال جزيرة بوبيان وجزيرة وربة للكويت مع الحفاظ على الوضع الراهن في الإمارة.
3. تمتنع الدولة العثمانية عن التدخل في الشؤون الداخلية للإمارة وفي شؤون الحكم.
وكان موقف المفاوضين العثمانيين خلال المفاوضات نوعًا من الارتباك والتناقض بين تمسكهم بخضوع الكويت للإمبراطورية العثمانية وتقليص الإمارة مع الاعتراف بجميع الاتفاقيات التي أبرمتها بريطانيا مع شيخ الكويت.