يسكن السعودية عدد من الشخصيات التاريخية الذين حملوا على أكتافهم البذور الأولى لمجد شبه الجزيرة العربية. ومن أبرز الشخصيات السعودية عبد الله باشا باناجه، الصائغ الذي بنى لنفسه المجد في مرحلة صعبة للغاية. كان يبيع الذهب واللؤلؤ بتصاميم فاخرة مميزة. كان على وشك منحه لقب باشاوي. ولد عبد الله باناجه في مدينة جدة عام 1270 هـ، وانتقل بعدها مع والده إلى قبرص في المنفى بعد أحداث القنصلية البريطانية، حيث وضع القنصل آنذاك علمًا تحت قدميه، الأمر الذي أغضب الكثيرين واعتبر هذا العمل إهانة للمسلمين، فقتلوه وقتلوا القنصل الفرنسي وبعض الأجانب في جدة، الأمر الذي جعل إنجلترا ترسل قطعًا وقنابل عسكرية إلى جدة، ودُمرت أجزاء من المدينة. وأجرت القيادة العثمانية تحقيقا في الحادث وعاقبت الجناة بالنفي والقتل. تم نفي والد الشيخ. لذلك، تلقى عبد الله باناجا تعليمه الأول في قبرص، وبعد وفاة والده عادت والدته مع شقيقه إلى جدة ثم انتقلوا إلى أستانا.
رحلة التجارة والعمل بعد الشيخ كان رحلة عصامية من الصفر وبدأ حياة تجارية واختار لنفسه تجارة المجوهرات والآلات والأحجار الكريمة، حيث كانت اسطنبول سوقًا شهيرًا لتلك التجارة في هذه الفترة. تم تعيين العثماني عبد الحميد في مجلس المبعوثين ومنحه الباشا السامي الذي كان له امتيازات وأوسمة واستثناءات بإشراف مكة، ثم تزوج وعاد إلى موطنه الأصلي جدة، وبعد بعد وفاة شقيقه، أصبح رب الأسرة وأحد الشخصيات البارزة في الحجاز. وللأعمال التجارية بنى بيتًا صغيرًا مجاورًا للمسجد الحنفي وأضيف مصلى عام 1240 هـ. كان ملتقى لأهل المعرفة والأدب والحكام وكبار الشخصيات. وكان في استقبال شريف مكة وحكام الحجاز في ذلك الوقت، السلطان القيطي، سلطان حضرموت، وضيوف الحج.
حبه لبناء القصور وهجرته للقاهرة
وكان الشيخ مهتمًا ببناء القصور في جدة والطائف ومصر، وأبرزها مقصورة البناجة في جدة، والتي كانت مخصصة لاستقبال كبار الملوك والوزراء وعامة الناس. كما أن قصر الشيخ بمكة المكرمة كان نزلًا للقادة والبشاوات، وسمي قصر الطائف بالسفينة لأنه صمم على شكل سفينة وقصر آخر في العباسية بمصر التي كان لها رحلات تجارية متعددة وتجارة واسعة. الملك عبد العزيز يصلي في كوخ الشيخ. وكان البناجة في استقبال الملك، وتحدث عنه الشيخ سليمان أحمد علو بأن المجلس لم يتغير. ظلت القاعة من المعالم الأثرية في جدة. كان له قصر بمكة المكرمة مقابل الحرم الشريف عند بوابة منطقة الصفا. وكان الخديوي عباس الخديوي ملك مصر يقيم معه ومع السلطان القيطي. كان الشيخ مهتمًا بالطراز المعماري الفريد، لكن الشيخ لم يكن لديه أطفال. وبعد وفاته ذهبت جميع ممتلكاته إلى أخيه الشيخ عبد الرحمن باناجه. قرر الشيخ السفر إلى القاهرة والبقاء فيها فقط. بسبب علاقته بالسلطان العثماني خاف من ظلم أمراء مكة والشريف حسين، وتوفي في القاهرة عام 1388 هـ عن عمر 80 عامًا بعد حياة مليئة بالسفر والجمال والاهتمام بالهندسة المعمارية. وفنون المجوهرات.