سيرة حياة ابن الجوزي

اسمه وأصله

هو الإمام العلامة شيخ الإسلام فخر العراق جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد. تمتد نسبه إلى القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ومذهبه حنبلي، وكان خطيباً فصيحاً، وكتاباته لا تنتهي.

اختلف العلماء في سبب تسميتها، فأتى في كتب السيرة أن اسمه يشير إلى شجرة الجوز المعروفة، وزُرعت في بيتهم، وكان الناس يسمونها، أو أنهم عاشوا فيها. ميناء الجوز في البصرة، أو أنهم كانوا يعملون في تجارة الجوز. وقد ذكر بعض العلماء تارة أنه عُرف باسم عبد الرحمن بن الصفار ؛ لأن أهله كانوا يعملون في تجارة النحاس، فسميت نسبة إلى النحاس (الصفار) وهو خليط من النحاس والألمنيوم، الذي يلمع كالذهب.

ولادته ونشأته

ولد ابن الجوزي في عائلة ثرية ببغداد عام 510 هـ الموافق 1114 م، ويقول في هذا: “تفكرت في أهلي، فقد قضوا حياتهم في البحث عن خيرات هذا العالم”. عاش ابن الجوزي يتيمًا بعد وفاة والده وهو في الثالثة من عمره. والدته لم تعتني به بل خالته. يقول عن هذا: “مات أبي وأنا طفلة صغيرة، وأمي لم تعتني بي”. كانت عمته من التقية، فكانت تعتني به وعلّمته وأرسلته إلى عالم الحداثة الكبير محمد بن ناصر السليمي ليتعلم منه وهو في السادسة من عمره.

كانت بغداد عاصمة العالم الإسلامي، ومقر الخليفة، ونقطة التقاء الشرق والغرب، عندما كان ابن الجوزي في عصر العلم. لذلك لم يسافر لاكتساب المعرفة. كان الناس يأتون إلى بغداد من جميع مناطق العالم، ولا عجب أن ابن الجوزي قد تلقى تعليمه على أيدي أكثر من ثمانين عالماً لم يكونوا من العراق.

صفات ابن الجوزي

كان ابن الجوزي شغوفًا بالعلم منذ ذلك الحين، وتبعه في شبابه، وكان مهتمًا بكل العلوم دون استثناء، ودرس كل علم من جميع جوانبه، وكانت شخصيته لطيفة، وكان حريصًا على الوصول إلى العُليا. رتب العلم في صغره، ويقول عن هذه الصفة ابن كثير، في كتابه البداية والنهاية: كان ولدًا تقيًا، ولم يكن يأكل شيئًا مشكوكًا فيه، وكان يخرج من بيته. فقط لأداء صلاة الجمعة ولم يلعب بها.

يقول ابن الجوزي عن نفسه عن جهوده في البحث عن المعرفة: كانت الصعوبات في طريقي إلى العلم أغلى مني من طعم العسل ؛ لعلمي بما سأصل إليه، وما تمنيت في بلدي. شباب. أكلت الخبز الجاف مثل الكعك، ولم أستطع أكله إلا بغمسه في الماء، لكنني رأيت حلاوة التعلم في هذا.

ابن الجوزي ضحى بحياته في الحفظ، ولم يقض وقته في شيء لا نفع له، وكان يكره الاختلاط والخمول، ولا يقوم بعمل يدوي إلا للضرورة، وكان نتاج ذلك غزير. في جميع مجالات العلوم الدينية، مثل: علم التلاوة والتفسير والحديث، والفقه، والتاريخ، والوعظ، والشخصيات، والطب، وعلوم أخرى.

رأى العلماء ذلك

  • قال عنه الإمام الذهبي: كان ابن الجوزي عالِمًا في التأويل، ومؤرخًا بارزًا، ومتخصصًا في علوم الحديث، وعالمًا له أجوبة على الأسئلة، سواء كانت إجماعية أو تثير الخلافات، و قدم مساهمات جديدة في الطب، مبتكرة وذكية وموهوبة وامتلكت قدرات مذهلة في الحفظ والتأليف والكتابة. وقال عنه أيضا: أحب ابن الجوزي التبشير منذ صغره، ثم استمر في شبابه في حشد الناس حوله، وازدادت شهرته حتى مات الله. وقال أيضا: ابن الجوزي كان زعيما لا يضاهى في قوة التذكر، وكان نثره مبهرا ورائعا، وكان له قافية ووافقا، وكان فنه لا نظير له بين أقرانه، لا قبله ولا بعده منهجه. كان لطيفا وصوته جميل وتأثيره على النفوس قويا.
  • يقول عن أسلوبه الأدبي: كان فريدًا في النصيحة، غير مسبوق وغير متساوٍ مع أي شخص، في أسلوبه، وبلاغته، وحلاوة كلامه، وأناقة تفانيه، وفاعلية تحريضه، وانغماسه في المعاني العميقة، و عرضه الغريب للأمور الغريبة باختصار وسهل الفهم، لأنه يوحد الحواس في كلمات قليلة، وكان عفويًا في النثر والشعر، وكان معلمًا فريدًا في فن الإنذار وغيره.

عقيدة في الفقه

كان ابن الجوزي من أتباع المذهب الحنبلي، وكان يحترم الإمام أحمد بشكل كبير، ولكن بسبب معرفته بالعديد من العلوم، لم يكن مجرد من أتباع المذهب الحنبلي، بل استمر في طريق داعياً إليه، ودعا طلابه إلى عدم الدراسة في مكان واحد، وعدم التقليد الأعمى لأحد، حتى لو كان عالمًا، وحثهم على الاجتهاد.

اعتاد ابن الجوزي على الاختلاف مع الإمام أحمد في كثير من الأمور، منها على سبيل المثال في أسماء الله الحسنى، حيث اتبع مسارا خاصا في تفسيرها، حتى اختلف مع جميع المذاهب، وناقض نفسه بشدة. في هذه المسألة، بحيث يصعب تحديد طريقته فيها.

وفاته

توفي ابن الجوزي ببغداد يوم الجمعة الثالث عشر من رمضان سنة 597 هـ، ودفن بين صلاة المغرب والعشاء، وحضر جنازته كثير من الناس.

Scroll to Top