سياسة

العفو الرئاسي عن السجناء.. بين التدابير الإنسانية والتوظيف السياسي

7 يونيو 2022
GettyImages-1149678638_0.jpg
سجن الحراش بالعاصمة (تصوير: رياض قرامدي/أ.ف.ب)
فتيحة زماموش
فتيحة زماموشإعلامية وباحثة من الجزائر

في شهر أفريل/ نيسان الماضي أفرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن أكثر من ألف سجين من بينهم 70 من الحراكيين، في إطار تدابير العفو الرّئاسي، وهو عفو يأتي دوريًا كلما حلّت مناسبة سواء الأعياد الدينية كعيدي الفطر وعيد الأضحى، أو أعياد وطنية وخاصّة عيدي الاستقلال المصادف للخامس من شهر تموز/جويلية أو عيد الثورة التحريرية المجيدة من كل الفاتح من كانون الثاني/نوفمبر من كل سنة.

يربط متابعون العفو الرئاسي عن المساجين بتعبيد الطريق نحو مبادرة "لمّ الشمل"

ما يجعل هذه المناسبات في عين الكثير من الأسر فرصة للإفراج عن ذويها، خصوصًا أولئك المحكوم عليهم في قضايا بسيطة، في مقابل التعامل الإجرائي بناء عن القوانين الجزائرية التي منحت العفو الشامل عن الأشخاص الذين لم توجّه إليهم تهم تتعلق بالأمن العام للدولة.

في هذا المضمار، تترقّب الأوساط السياسية في الجزائر عفوًا شاملًا من الرئيس تبون يعني نشطاء الحراك الشعبي ومعتقلي الرأي، تزامنًا مع احتفالات الجزائر بالذكرى الستين للاستقلال، وهي الفرصة المواتية لتعبيد الطريق نحو مبادرة "لمّ الشمل" والبدء في حوارات جادّة ومثمرة مع مكوّنات المجتمع السياسي والمدني في الجزائر.

عفو  الرئيس

يطرح حقوقيون مسألة العفو الرئاسي من بوابة الإفراج عن العديد من نشطاء حرّية التعبير أو ما وسم لدى القضاء باتهامهم في قضايا تتعلق بالإخلال بالنظام العامّ، ومن بينهم عدد من نشطاء الحراك الشعبي.

العفو الرئاسي أو العفو عن العقوبة مكرس في القوانين الجزائرية من خلال الدستور، ممنوح للرئيس، إذ هو حسب أستاذ الحقوق عبد المالك زعموم يعطي الحقّ للرئيس الجمهورية التدخل في العدالة، لافتًا إلى أنه حقّ يمارس في مجال سيادي يصدر من الرئيس لإصدار إعفاء للمحكوم عليهم من الالتزام بتنفيذ العقوبة المبثوث فيها قانون نافذة جزئيًا أو كليًا أو استبدال أخرى أخفّ.

هذا من الناحية القانونية الصرفة، إذ أضاف زعموم لـ"الترا جزائر" أنّ هناك في بعض القوانين تقرّر اختيارات بديلة للسجن كالخفض في العقوبة وإعادة الإدماج والخدمة العمومية والحرية المشروطة والحبس غير النافذ والمراقبة الإلكترونية.

وختم المتحدّث بأن قرار العفو عن العقوبة (العفو الرئاسي) يعتبر عملًا سياديًا بامتياز وهو أحد اختصاصات رئيس الجمهورية الدستورية، فهو دومًا أحد اختصاصات رئيس الجمهورية الدستورية، باعتباره يتمتع بكامل السلطة التقديرية في منح هذا العفو دون أية قيود.

امتياز بشروط

إجرائيًا، لا يمرّ حكم العفو الرئاسي بجرة قلم أو بتوقيع من الرئيس، إذ حتى يمنح هذا العفو لا بدّ من وجود مجموعة من الشروط الشكلية، من الواجب اتّباعها، خاصة وأن هذا الأمر يمرّ عبر أربعة تدابير من الواجب المرور بها.

تتسم هذه الإجراءات بسحب الحقوقية المحامية فريدة بولعسل من قسنطينة شرق الجزائر بشكلٍ إنساني بحت، مؤكِّدة أن العفو في حدّ ذاته يحمل صبغة إنسانية واجتماعية، بعيدًا عن التدابير القانونية والخلفيات الحقوقية، على حدّ تعبيرها.

كخطوة أولى يمنح حقّ العفو عن العقوبة تبعًا لطلب فردي من المحكوم عليه، أو من أقاربه من ذوي الحقوق أو محامي، إذ قالت بولسعل لـ"الترا جزائر" أن العملية أيضا تتم من وزارة العدل أو إدارة السجن نفسها إن كان سلوك المحكوم عليه جدير بشموله بذلك الإجراء أو الامتياز.

وفي الإطار نفسه، يجوز لرئيس الجمهورية أن يُقبِل على هذه المبادرة كخطوة في منح العفو من تلقاء نفسه، دون الحاجة هنا لطلب المحكوم عليه، وهو ما يحدث عند العفو الجماعي عن بعض المحكوم عليهم في مناسبات معينة".

رغم ذلك فالجهة التي يقدم لها الطلب كشرط ثاني للعفو تتمثل إما إلى رئيس الجمهورية  إلى وزير العدل فتقوم مصلحة لجنة العفو الموجودة على مستوى الوزارة لجمع المعلومات اللازمة وتكوين ملف وتقري شامل عن أسباب ودوافع صدور الحكم، لافتة إلى أن المجلس الأعلى للقضاء يبدي رأيه في جميع طلبات العفو عن العقوبة قبل تحويل الملف إلى مصالح الرئاسة.

لا يصدر العفو إلا باستشارة حتى يكون فعالًا ويحقّق هدف المصلحة العامة، فأثناء إصدار الرئيس للعفو يلجأ إلى الاستشارة من ذوي الاختصاص في هذا المجال عبر المجلس الأعلى للقضاء، كما أشارت محدثة " الترا جزائر" إلى أن هذه الخطوة غير ملزمة للرئيس لكنها خطوة إيجابية أو " استئناس بالرأي" حتى يكون القرار سليما.

ولتنفيذ العفو فإنه يصدر بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، حسب السلطة التقديرية للرئيس الجزائري نظرا لما تمليه عليه ضرورة المصلحة العامة.

ما بعد العفو

بعيدًا عن القوانين والتدابير، فإن العفو حالة إنسانية تنتظرها جلّ العائلات، إذ تهدف غالبًا إلى تمكين الفرد من حقوقه الإنسانية وأهمها الاستفادة من الحرية، لكن في المقابل من ذلك كشف مختصون في الصحة النفسية للسجناء عقب الإفراج أو العفو، عما يسمى بأزمة ما بعد الخروج من السجن، إذ تسبب العديد من الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية، بسبب الصعوبات التي يواجهها بعد بقاءه في السجن.

في هذا السياق، وضعت وزارة العدل مصالح خارجية أسندت لها مهمة إعادة إدماج المساجين مباشرة بعد خروجهم من السّجن، حسب ما كشفه المحامي عبد الكريم معروف، مع تشجيع هيئات المجتمع الدني للمساهمة في العملية، خاصة منها جمعية محو الأمية والكشافة الإسلامية وغيرها من الجمعيات الناشطة في الأحياء والمدن، على حدّ قوله.

يطرح متابعون مسألة الاستفادة من العفو الرئاسي من جانبها الإنساني  إذ يوجد من بين هؤلا سجناء سُجنوا ظلما أو هناك من استفاد من البراءة

وطرح البعض المسألة الاجتماعية من جانبها الإنساني، وهي تخصّ المساجين سابقًا عمومًا أو المستفيدين من العفو خصوصًا، دون نسيان من سجنوا ظلمًا أو ثبتت براءتهم أو كانوا ضحايا مواقفهم السياسية، إذ دعت الأخصائية النفسانية وهيبة مزهود إلى أهمية تأهيل جوانب القصور من شخصية المسجون، فمن واجب المجتمع أن يعاقبه إن ارتكب خطأ وفي الوقت نفسه وجب احترام إنسانيته كونه أخطأ ويمكن إصلاحه.

 

 

 

الكلمات المفتاحية

الانتخابات الرئاسية 2024

النظام الانتخابي في الجزائر على مفترق الطرق.. مطالب الإصلاح لم تعد حكرًا على المُعارضة

يعرِف النّظام الانتخابي في الجزائر مرحلة تحوّل لافتة، حيث تجاوزت مطالب الإصلاح حدود المعارضة لتصبح قضية تُطالب بها أحزاب الموالاة الرئيسية أيضًا.


نائب رئيس الحركة حركة مجتمع السلم ناصر حمدادوش (الترا جزائر)

حوار| نائب رئيس حركة مجتمع السلم ناصر حمدادوش: حمس تتصرّف بعقل الدّولة لا بمنطِق الصِّدام ولسنا في جَيبِ أحَد

بعد مرور 22 عامًا على وفاة الشيخ محفوظ نحناح، مؤسّس حركة مجتمع السلم وأحد أبرز رموز تيار الوسطية في الجزائر، تتجدّد الدعوات السياسية والمجتمعية للاعتراف الرسمي بإرثه الوطني والفكري، وتخليد اسمه بما يليق بمكانته كزعيم أسّس لمسار الاعتدال في زمن كان فيه الصوت العاقل نادرًا.


العدوان الإسرائيلي على إيران

بين الحقيقة والدعاية.. هل الجزائر مستهدفة فعلا؟

على بعد آلاف الكيلومترات، وخلف شاشات القنوات العالمية، يُتابع الجزائريون أطوار العدوان الإسرائيلي على إيران، وأنظارهم وأحاديثهم تَتجه نحو وطنهم، وسط مخاوف وهواجس على مستقبل البلاد، بواعثها أصوات تعالت في الآونة الأخيرة تتحدث عن استهداف الجزائر من طرف قوى أجنبية وخارجية.


إريك سيوتي

البرلمان الفرنسي يناقش قريبا مقترح نائب متطرف يطالب بإلغاء اتفاقية 1968 مع الجزائر

قدّم النائب الفرنسي اليميني المتطرف إيريك سيوتي، مقترحًا برلمانيا ينتظر أن يناقش في جلسة 26 حزيران/جوان الجاري، يطالب السلطات الفرنسية بالتخلي عن اتفاقيتي 27 كانون الأول/ديسمبر 1968 و16 كانون الأول/ديسمبر 2013 المبرمتين مع الجزائر، واللتين تنصان على نظام ميسر لدخول وإقامة الجزائريين في فرنسا.

موسيقى الراي
قول

تأمّلات صيفية في موسيقى الرّاي

لطالما جلست خلال فترات الصيف في خلوتي، بين فترات الكتابة المتقطّعة أو الترجمة، أشتكي من حرّ لا يطاق في مدينتي الداخلية، قسنطينة، شرق الجزائر، ولم يكن أنيسي سوى الموسيقى.

أنيسة بومدين
أخبار

"بوعلام صنصال لا يحب الجزائر".. أرملة الرئيس بومدين تثير حنق اليمين الفرنسي وكمال داود يهاجمها

"بوعلام صنصال لا يحب الجزائر"، بهذا التصريح المباشر، فجّرت أنيسة بومدين، الكاتبة والمحامية وأرملة الرئيس الراحل هواري بومدين، جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية الفرنسية.


خالد بن يحيى
رياضة

خالد بن يحيى يغادر مولودية الجزائر و"الجنرال" أبرز المرشحين لخلافته

بصفة شبه رسمية، طوت إدارة مولودية الجزائر صفحة المدرب التونسي خالد بن يحيى، رغم نجاحه في قيادة الفريق لتحقيق لقبي البطولة وكأس السوبر.

حيماد عبدلي
رياضة

ليدز يونايتد يفتح باب المفاوضات مع أنجي لضم الجزائري حيماد عبدلي

دخل نادي ليدز يونايتد الإنجليزي في مفاوضات مباشرة مع إدارة نادي أنجي الفرنسي من أجل التعاقد مع الدولي الجزائري حيماد عبدلي خلال فترة الانتقالات الصيفية الجارية.

الأكثر قراءة

1
أخبار

بعد تصريحه بأن تيزي وزو حلّت الثانية في ترتيب "البيام".. الأرسيدي يهاجم بشدة وزير التربية


2
أخبار

الجزائر - سويسرا.. نحو تعاون فعّال لاسترجاع الأموال المنهوبة


3
أخبار

ممثل الجزائر في الأمم المتحدة: هناك شعب يُباد في غزة ومجلس الأمن لا يصدر سوى الصمت


4
أخبار

جيلالي سفيان يهاجم تقنين تجارة الكابة: "الدينار الجزائري مهدد بالانهيار"


5
ثقافة وفنون

ترشح 6 جزائريين للفوز بجائزة كتارا للرواية العربية