الحجر الأسود
للحجر الأسود مكانة خاصة؛ فهو الحجر الذي اختلفت العرب وقبائل قريش على شرف رفعه، ووضعِه في مكانه، حتى كادوا أن يقتتلوا، وأجمعوا على أن يقبلوا بحكم أول قادم عليهم، فلما ظهر أول قادم، وكان محمدًا عليه الصلاة والسلام قبل النبوة، استبشروا وقالوا: (هذا الأمين رضينا بحكمه)، واستطاع بعقله الراجح حل الخصومة وإنهاء الخلاف؛ إذ حمل بيده الشريفة الحجر، ووضعه فوق ثوبه، وطلب من أشراف القوم، أن يشتركوا في رفعه إلى مكانه، فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه في مكانه.[١].
الدعاء عند الحجر الأسود
من السنة أن يقول الحاج أو المعتمر عند استلام الحجر، أو تقبيله أو لمسه أو الإشارة إليه: (بسم الله، والله أكبر)، ودليل ذلك ما روي عن عبدالله بن عباس: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَافَ بالبَيْتِ وهو علَى بَعِيرٍ، كُلَّما أَتَى علَى الرُّكْنِ أَشَارَ إلَيْهِ بشيءٍ في يَدِهِ، وكَبَّرَ). [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث : صحيح]، وتستحب كثرة الذكر والدعاء، وفي ما يأتي بعض الأدعية في مواقف محددة أثناء الحج[٢]:
- الدعاء عند دخول مكة: إذ يستشعر الحاج أو المعتمر قربه من الله في كل أحواله، ويظهر ذلك مع كل عمل يقوم به، فيُشرع له الدعاء عند كل عمل، ومن ذلك؛ الدعاء عند دخول قرية أو مدينة أثناء سفره إلى بيت الله الحرام، بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللَّهمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ وما أظلَلْنَ، وربَّ الأرضينَ السَّبعِ وما أقلَلْنَ، وربَّ الرِّياحِ وما ذَرَيْنَ، وربَّ الشَّياطينِ وما أضلَلْنَ، نسأَلُك خيرَ هذه القريةِ وخيرَ أهلِها، ونعوذُ بك مِن شرِّها وشرِّ أهلِها وشرِّ ما فيها). [صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث : صحيح] ولمكة دعاءٌ خاص هو: (اللهم البلد بلدك، والبيت بيتك، جئتُ أطلب رحمتك، وأؤم طاعتك، متبعاً لأمرك، راضياً بقدرك، مبلغاً أمرك، أسألك مسالة المضطر إليك، والمشفق من عذابك أن تتقبلني وتتجاوز عني برحمتك، وأن تدخلني جنتك).
- الدعاء عند دخول المسجد الحرام: أمّا عند دخول المسجد الحرم، فيدعو بالدعاء المأثور: (بِسمِ اللَّهِ والسَّلامُ علَى رسولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغفِر لي ذُنوبي، وافتَح لي أبوابَ رحمتِكَ)، وإذا خرجَ قالَ: (بسمِ اللَّهِ والسَّلامُ على رسولِ اللَّهِ، اللَّهمَّ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبوابَ فضلِك). [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- الدعاء عند رؤية الكعبة: يمكن أن يدعو الحاج أو المعتمر عند رؤية الكعبة المشرفة: (اللهمَّ أنت السلامُ، ومنك السلامُ، فحَيِّنَا يا ربنا بالسلامِ، اللهمَّ زِدْ هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا ومهابةً، وزِدْ من حجَّهُ أو اعتمرَهُ تكريمًا وتشريفًا وتعظيمًا وبِرًّا).
فضل الحجر الأسود
في استلام الحجر الأسود إشارة من الحاج أو المعتمر الى إعلان التوبة، وتجديد العهد مع الله سبحانه، فالمسلم الذي شهد وحدانية الله سبحانه، ثم خالطت قلبه الذنوب والمعاصي، يأتي الحرم ليطوف حول البيت العتيق، ليُجدد النية، ويعلن التوبة، فيستلم الحجر، ويبدأ الطواف جاعلًا الكعبة على يساره، ويدعو ما شاء بخير الدنيا والآخرة، امتثالًا لقوله سبحانه: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، فإذا أنهى طواف الشوط الأول، واستطاع أن يقبل الحجر الأسود أو يلمسه، يقول: (بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ)، كان أفضل له، وإن لم يستطع أشار بيده، وأكثر من الدعاء والاستغفار، ويُكرر ذلك، سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، يدعو بما شاء دون أن يُلزم بدعاء معين، إنّما يُحدث ربه بما يجول في قلبه متمثلًا بقوله عز وجل: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}[الأعراف: 205][٣].
آداب الحج والعمرة
لكل ركن من أركان الإسلام، آداب يلتزم بها المسلم عند القيام بها، وآداب الحج كثيرة ومتنوعة، ومنها[٤]:
- على الحاج أو المعتمر أن يستخير ربه في الوقت، والصحبة، والرفقة.
- على الحاج أو المعتمر أن يتعلم أحكام الحج والعمرة، وأحكام السفر، أو أن يصاحب فى سفره عالمًا، أو يأخذ معه كتابًا مبسطًا، يُوضح له أحكام المناسك.
- على الحاج أو المعتمر أن يكتب وصيته، موضحًا فيها ما عليه من واجبات، وديون، ويشهد عليها شهودًا عُدولًا.
- على الحاج أو المعتمر أن يعلن توبته النصوح من الذنوب جميعًها.
- على الحاج أو المعتمر أن يوصي أهل بيته زوجه، وأولاده، بتقوى الله، والالتزام أثناء سفره بالطاعة والتقوى.
- على الحاج أو المعتمر أن يتحرى من ماله الحلال الطيب، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:51]، وقالَ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة:172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ)[صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
- على الحاج أو المعتمر أن يوجه نيته لله وحده، فلا يقصد تجارةً، أو سمعةً، لتكون حجته أو عمرته خالصةً لله، ويكون هدفه الطاعة فقط في كل قول أو عمل.
- على الحاج أو المعتمر أن يحرص على حفظ جوارحه من بَذِيء الكلام أو كثرة المزاح واللهو، فالمكان موطنٌ للطاعة والتبتل، وليس للترويح واللعب.
- على الحاج أو المعتمر أن يحرص على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وكف الأذى عن زوار بيت الله الحرام، قاصدًا بذلك، رِضى الله جل وعلا.
- أن يحرص الحاج أو المعتمر على عدم إيذاء اخوانه الحجاج أثناء المناسك، خاصةً عند الزحام في الطواف، والسعي، ورمي الجمار.
- أن يحرص الحاج على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في أداء المناسك بمنتهى الخشوع والرضى والخضوع، سواءً أدرك الحكمة أم لم يدرك شيئًا منها، مقتديًا بالصحابي الجليل عمر بن الخطاب فقد روى عنه، أنه جَاءَ إلى الحَجَرِ الأسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقالَ: (إنِّي أعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، لا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ، ولَوْلَا أنِّي رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ).[البخاري | خلاصة حكم المحدث : صحيح]
- وللنساء بعض الآداب الخاصة منها؛ الحرص عند أداء مناسك الحج أو العمرة على عدم التبرج أو إظهار الزينة، والحذر من مزاحمة الرجال من غير حاجة أو ضرورة، وأن تحرص المسلمة على السفر مع محرم.
المراجع
- ↑ أ. د. محمد المختار المهدي، "مكانة الحجر الأسود"، شبكة الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 2/12/2019. بتصرّف.
- ↑ "هل يستحب دعاء معين عند تقبيل الحجر الأسود ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "مكانة الحجر الأسود"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "آداب الحج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.