“ضَرَبَ الأَبُ ابْنَــهُ لِأَنَّـــهُ كانَ مَخْمورًا”
من المخمور؟ وما الدليل على ذلك؟
الحقيقة أنه يجوز في الهاء أن تعود على الأب وعلى الابن ولا يحدد ذلك إلا السياق، غير أنه من خلال كثرة النماذج وجري الكلام، استقرأ النحويون قاعدة مفادها أن: الضمير يعود على آخر مذكور [ما لم يمنع منه مانع أو تقم القرائن على خلافه].
وعليه فإن لم يُعلم ما يخالفه. فإن الأصل في الضمير أن يعود على الابن، ولو أريد الأب لاحتيج إلى تأكيد العامل لرفع اللبس.
وقد يُفترض الغالب في الأمر، سواء أكان تأديب الأب ابنه لشربه الخمر أو كان فعلا بلاوعيٍّ من الأب بسبب حالة سكره.
وتعميم قاعدة “عودة الضمير على آخر مذكور” محل نزاع بين أهل الاختصاص، وأشهر ما يمثّل به:
- قوله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ)
- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عند مسلم قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ”.
إعراب الجملة
ضَرَبَ: فِعل ماض مبني على الفتح.
الأبُ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
اِبنَهُ: ابن مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف؛ والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
لأنَّهُ:
- اللام: حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب (يفيد التعليل)؛
- أنّ : حرف توكيد ونصب مبني على الفتح لا محلّ له من الإعراب؛
- الهاء ضمير متصل مبني على الرفع في محل نصب اسم أنّ.
كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح، واسم كان محذوف فهو ضمير مستتر في محل رفع اسم كان تقديره “هو” (أو الابن على ما افترضنا).
مخمورا: خبر كان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وجملة (كان مخمورا) في محل رفع خبر أن. في حين أن جملة (لأنه كان مخمورا) في محل جرّ حرف الجرّ لِـ.
أمثلة إضافية في تفصيل عودة الضمير:
جاء في النحو الوافي لـعباس حسن:
الغالب أن يكون المتقدم المذكور هو أقرب شيء للضمير يصلح مرجعًا، ولذا يقولون إن الضمير يعود على أقرب مذكور، إلا إن كان قبله متضايفان، والمضاف ليس كلمة «كل» ولا «جميع» فالأكثر رجوعه إلى المضاف دون المضاف إليه…
ويشترط لعودته على أقرب مذكور ألا تقوم قرينة تدل على أن المرجع هو لغير الأقرب، فإن وجدت وجب النزول على ما تقتضيه، كالشأن معها في كل الحالات، إذ عليها وحدها المعول، ولها الأفضلية.
– ففي مثل: (عاونت فتاة من أسرة تاريخــها مجيد)، يعود الضمير على: «أسرة»، لأنها أقرب مرجع للضمير، ولا يصح بمقتضى الأصل السالف عودته إلى: «فتاة»، بخلاف: (عاونت فتاة من أسرة مجاهدة، فقدت عائلــها وهي طفلة)، فالضمائر عائدة على: فتاة. مراعاة لما يقتضيه المعنى.
– ومثل: (اعتنيت بــغلاف كتاب تخيّرتــه). فالضمير عائد على المضاف، مراعاة للأكثر، بخلاف: (تخيرت غلاف كتاب صفحاتــه كثيرة)، لقيام القرينة الدالة على عودته للمضاف إليه.
– وإذا حذف المضاف الذى يصح حذفه ، جاز ـ وهو الأكثر ـ عدم الالتفات إليه عند عودة الضمائر ونحوها مما يقتضى المطابقة فكأنه لم يوجد، ويجرى الكلام على هذا الاعتبار. وجاز مراعاته كأنه موجود، مع أنه محذوف. وقد اجتمع الأمران فى قوله تعالى: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً ، أَوْ هُمْ قائِلُونَ) والأصل : وكم من أهل قرية؛ فرجع الضمير: «ها» مؤنثا إلى «القرية» ، ورجع الضمير: «هم» مذكرا لاعتبار المحذوف وملاحظته ولا تناقض بين الاثنين؛ لأن الوقت مختلف. [انتهى مع تصرف]
إعجابإعجاب
وللكلام مزيد تفصيل في كتب الاختصاص. ويمكن بسهولة إنجاز دراسة إحصائية (Corpus linguistics) شبه آلية لنصوص مختلفة من القرآن والسنة وكلام العرب وأشعارهم وكتب المتقدمين والمتأخرين إضافة لما يشيع اليوم في الصحافة، فيتعرّف فيه البرنامج على الضمائر ويخرج بخلاصة أولية يؤكد معناها المراقب البشري (assistant).
إعجابإعجاب
جزاكم الله خيرا بهذه الفوائد القيمة
إعجابإعجاب
بارك الله فيك ونفع بعلمك
إعجابإعجاب
الكلام يناقض بعضه والدليل الآية الكريمة :
(لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ)
المؤمنون يسبحون الله أم الرسول ؟؟؟
إعجابإعجاب
قام الأب بضرب ابنه لسبب لفتقاده طريقة الاصلاح مما يدل على ان الاب كان مخمورا
إعجابإعجاب