محتويات
قصيدة: نهر الأحزان
- عَينَاكِ كنهْرَي أحْزانٍ
- نَهرَي مُوسيقَى حَمَلانِي
- لِوَراء، وَرَاءِ الأزْمَان
- نَهْرَي مُوسيقَى قَد ضَاعَا
- سَيّدتي ثُمّ أضَاعَانِي
- الدَّمعُ الأسْودُ فوقَهُما
- يَتَساقَطُ أنْغامَ بيانِ
- عَينَاكِ وتبغِي وكُحُولِي
- والقَدْح العَاشِر أعْمَانِي
- وأَنَا فِي المقْعَد مُحتَرِقٌ
- نيرَانِي تأْكُل نيرَانِي
- أأقُولُ أُحِبُّكِ يا قَمَرِي؟
- آهٍ لَو كَانَ بإمكَانِي
- فَأنَا لا أملِكُ في الدّنيا
- إلّا عينَيْكِ وأحْزَانِي
- سُفُني فِي المَرْفَأ بَاكيَة
- تتمزَّقُ فوقَ الخِلجَانِ
- ومَصيرِي الأصْفَر حَطّمنِي
- حَطّم فِي صَدرِي إيمَانِي
- أأُسَافِرُ دونَكِ ليلَكَتِي؟
- يَا ظِلّ الله بِأجْفَاني
- يا صَيفِي الأخضَر يا شَمسِي
- يَا أَجمَلَ أجْمَلَ ألوانِي
- هَل أرحَلُ عنكِ وقصَّتنا
- أحْلَى مِن عَودَة نيسَانِ؟
- أحْلَى مِن زَهرَةِ غَاردينيا
- فِي عتْمَةِ شعـرٍ إسبَاني
- يا حُبّي الأوْحَد لَا تَبكِي
- فدُمُوعك تَحفُر وُجدَانِي
- إنّي لا أملِكُ في الدُّنيا
- إلّا عينَيكِ وأحْزَانِي
- أأقُولُ أُحِبُّكِ يا قَمَرِي؟
- آهٍ لَو كَانَ بإمكَانِي
- فَأنَا إنسَانٌ مفقُودٌ
- لا أعْرِفُ في الأرضِ مَكَاني
- ضَيّعَنِي دَرْبي ضَيَّعنِي
- اسمِي ضَيّعَني عُنوانِي
- تَاريخِي مَا لي تَاريخٌ
- إنّي نِسيانُ النِّسيَان
- إنّي مرسَاةٌ لا تَرسُو
- جُرحٌ بمَلامِح إنْسَان
- مَاذا أُعطيكِ سِوىَ قَدَرٍ
- يَرقُصُ في كَفّ الشَّيطانِ
- أَنَا ألْفُ أُحِبُّكِ فابتَعِدِي
- عَنّي عَنْ نَارِي ودُخَاني
- فَأنَا لا أملِكُ في الدّنيا
- إلّا عينَيْكِ وأحْزَانِي[١]
قصيدة أسألك الرحيلا
- لنَفتَرِق قَليلًا
- لخَيرِ هَذَا الحُبّ يا حَبيبي
- وخَيرِنا
- لنَفْتَرق قَليلًا
- لأنّني أُريدُ أنْ تَزيدَ في مَحَبّتي
- أُريدُ أن تَكرَهَني قَليلًا
- بحَقّ مَا لَدينا
- مِن ِذكَرٍ غَاليةٍ كَانَت عَلَى كِلَيْنا
- بحَقّ حُبٍ رَائعٍ
- مَا زَال مَنقُوشًا عَلى فَمَيْنا
- مَا زال مَحفُورًا عَلى يَدَيْنا
- بحَقّ ما كَتَبْته إليّ مِن رَسائلَ
- ووجْهِك المزرُوع مِثْل وَردةٍ في دَاخِلي
- وحُبّك البَاقي عَلى شَعْري، على أنَامِلي
- بحَقّ ذكرَيَاتِنا
- وحُزنِنا الجَميلِ وابتِسَامِنا
- وحُبّنا الذي غَدا أكْبَر مِن كَلامِنا
- أكبَر مِن شِفَاهِنَا
- بحَقّ أحلى قِصّةٍ للحُبّ في حَياتنا
- أسْأَلُكَ الرّحيلَا
- لنَفْترق أحبَابًا
- فالطّير فِي كُلّ مَوسمٍ
- تُفارِقُ الهِضَابا
- والشمسُ يا حَبيبي
- تكُونُ أحلَى عِندَما تُحاوِلُ الغِيَابَا
- كُنْ فِي حَياتِي الشّكَ والعَذَابا
- كُنْ مَرةً أُسطُورةً
- كُنْ مَرّةً سَرابًا
- وكُنْ سُؤالًا فِي فَمي
- لا يَعرِفُ الجَوابَا
- مِن أجْلِ حُبٍّ رائعٍ
- يسَكنُ مِنّا القلْبَ والأَهدَابَا
- وكَي أكُونَ دائِمًا جَميلةً
- وكَي تكُونَ أكثرَ اقتِرابَا
- أسْألُكَ الذّهَابا
- لنفْتَرِق ونحْنُ عَاشقانِ
- لنفتَرِقَ برغمِ كُلّ الحُبّ والحَنَان
- فمِنْ خِلالِ الدّمْع يا حَبيبي
- أريدُ أنْ تَرانِي
- ومِن خِلالِ النّار والدّخان
- أًريدُ أنْ تَرانِي
- لنَحتَرِق لنَبْكِ يا حَبيبي
- فَقَد نَسيْنا
- نِعمَةَ البُكَاء مِن زَمَان
- لنَفْتَرِق
- كَي لا يَصِير حًُبّنا اعتِيَادَا
- وشَوقَنَا رَمَادَا
- وتَذْبُل الأزهَارُ في الأَوَانِي
- كُن مُطمَئِنّ النّفس يَا صَغيرِي
- فَلَم يَزَل حُبّك مِلْء العَينِ والضّمَير
- ولَم أزَلْ مَأخُوذةً بحُبّك الكَبير
- ولَم أزلْ أحْلُم أن تكُونَ لي
- يا فَارِسِي أنتَ ويَا أميرِي
- لكِنّني لكِنّني
- أخَافُ مِن عَاطِفَتِي
- أخَافُ مِن شُعُورِي
- أخافُ أنْ نسْأَمَ مِنْ أشوَاقِنَا
- أخَافُ مِنْ وِصَالِنا
- أخَافً من عِنَاقِنا
- فَبِاسمِ حُبٍّ رائعٍ
- أزْهَرَك الرّبيع في أَعْمَاقِنا
- أَضَاءَ مثلَ الشَّمسِ في أحْدَاقِنا
- وباسْمِ أحلَى قِصَّةٍ للحُبّ في زَمانِنا
- أسْألُكَ الرَّحيلَا
- حتّى يظَلَّ حُبّنا جَميلا
- حتَّى يكُونَ عُمره طَويلا
- أسْألُكَ الرَّحيلَا.[٢]
قصيدة: أين أذهب؟
- لَمْ أعُدْ دارِيًا إلى أينَ أذْهَب
- كُلّ يومٍ أًحِسّ أنّكِ أقرَب
- كُلّ يومٍ يَصيرُ وجهكِ جزءًا
- مِن حَياتِي ويُصْبحُ العُمرُ أخصَب
- وتَصيرُ الأشكَالُ أجمَل شَكْلًا
- وتصيرُ الأشيَاءُ أحلَى وأَطْيَب
- قَد تَسَرّبْتِ في مَسَاماتِ جِلدي
- مِثلَما قَطْرَةُ النّدى تتسرَّب
- اعتِيَادي عَلى غِيابِك صَعْبٌ
- واعتِيادِي على حُضُورِك أصْعَب
- كَم أنَا كَمْ أنا أُحبُّكِ حتَى
- أنَّ نفسِي منْ نفسِها تتَعَجّب
- يَسْكُن الشّعر في حَدائِقِ عينَيكِ
- فلوْلَا عَيناكِ لا شِعْر يُكْتَب
- مُنذُ أحبَبْتُكِ الشموسُ استَدَارَتْ
- والسَّمَاواتُ صِرنَ أنقَى وأرْحَب
- منذُ أحبَبْتكِ البِحَارُ جَميعًا
- أصبَحَتْ مِن مِياهِ عَينيكِ تشْرَب
- حُبكِ البَرْبرِيّ أكبَر مِنّي
- فلمَاذا عَلى ذِراعيكِ أصْلَب؟
- خَطئِي أنّني تَصَوّرتَُ نفسِي
- مَلِكًا، يا صَديقَتِي، ليسَ يُغلَب
- وتصَرَّفتُ مثْلَ طفْلِ صَغيرٍ
- يشتَهِي أن يطُول أبْعَد كَوكَب
- سامِحينِي إذا تَماديْتُ في الحُلمِ
- وألبَسْتُك الحَريرَ المقَصّب
- أتَمنّى لو كُنتِ بُؤبُؤ عَينِي
- أتَرانِي طَلَبتُ ما ليسَ يُطلَب؟
- أخبِرينِي مَن أنتِ؟ إنّ شُعوري
- كَشُعورِ الذي يُطارِدُ أرْنَب
- أنتِ أحلَى خُرافَة في حَياتِي
- والذي يتْبَعِ الخُرافَاتِ يَتْعَب
قصيدة: يا بيتها
- أُعطِيكَ مِنْ أجَلِي وعَينِيا
- يا بَيتَها فِي آخِر الدّنيا
- ويَئِنُّ بابَكِ بين جَنبيّا
- يا ضَائِعًا في الأرضِ، يا نَغَمًا
- نُوار مرَّ عَليك، وانفَتَحتْ
- أزوِاَرَهُ، لا فيكِ بَل فِيَا
- تهمِي سَماويًا سَمَاوِيا
- ومغَالِق الشّباكِ مُشرّعَةٌ
- درَجَاتُه وَهْمٌ وسُلّمه
- يمشِي ولَكِنْ فَوقَ جِفنِيَا
- يا بيتَها زَوَادَتي بيَدِي
- والشمْسُ تمْسَحُ وجْهَ وادِيَا
- بالميْجنَا والأُوف واللّيا
- الورْدُ جُوريٌّ ومَوعِدُنا
- يا بيتَها زَوَادَتي بيَدِي
- والشمْسُ تمْسَحُ وجْهَ وادِيَا
- وبِلاَدُ آبائِي مُغَمَّسَةٌ
- بالميْجنا والأُوف واللّيا
- الورْدُ جُوريٌّ ومَوعِدُنا
- لَمّا يصيرُ الورْدُ جُورِيَا
قصيدة: لن تطفئي مجدي
- ثَرثَرْتُ جِدًّا فاترُكِينِي
- شَيْءٌ يُمزّق لِي جَبينِي
- أَنا في الجَحيمِ، وأنْتِ لا
- تدْرينَ مَاذا يَعْتَرينِي
- لَنْ تفهَمِي مَعنى العَذَاب
- بريشَتِي لَنْ تفْهَمينِي
- عَمْيَاء أنْتِ ألَمْ تَرَي
- قَلبِي تَجَمّع في عُيونِي؟
- مَاتَ الحَنينُ أتسْمَعينَ؟
- ومُتّ أنْتِ مَع الحَنينِ
- لا تَسْأَليني كَيفَ قصّتنا
- انتَهَتْ، لَا تسْأَلينِي
- هي قِصّة الأعصَابِ، والأفيُونِ
- والدَّمِ والجُنونِ
- مَرّتْ فلا تَتَذكّري
- وجْهِي ولا تَتَذكّرينِي
- إنْ تُنكِريها فاقْرَئِي
- تاريخَ سُخْفكِ في غُضُونِي
- أمَريضَةُ الأفكَارِ يأبَى
- اللّيل ُأنْ تسْتَضعِفينِي
- لنْ تُطفِئي مَجدِي عَلَى
- قَدَحٍ وضَمّة يَاسَمين
- إنْ كَانَ حُبُّكِ أنْ أعيشَ
- عَلى هُرائِكِ فاكرَهينِي
- حَاوَلتِ حَرقِي فاحْتَرَقتِ
- بِنَار نَفْسك فاعْذُرينِي
- لا تَطْلُبي دَمعِي، أَنا
- رَجُلٌ يَعيشُ بلا جُفُونِ
- مَزَّقتِ أجْمَل مَا كَتبْتُ
- وغِرْتِ حتّى من ظُنُونِي
- وكَسَرْتِ لَوحاتِي، وأضْرَمْتِ
- الحَرائِقَ في سُكُوني
- وكَرهْتِني وكَرِهْتِ فنّاً
- كُنتُ أُطْعِمُه عُيونِي
- ورَأيتِنِي أهِبُ النُّجُومَ
- محَبّتِي فَوقَفْتِ دُونِي
- حَاوَلتُ أنْ أعْطيكِ مِنْ
- نفْسِي، ومِنْ نُورِ اليقينِ
- فَسَخرْتِ مِنْ جُهدِي، ومنْ
- ضَرَباتِ مطْرَقَتي الحَنُونِ
- وبقيْتِ رُغْم أنَامِلي
- طِيْنًا تَرَاكَمَ فوقَ طِينِ
- لا كُنتِ شَيئًا في حِسَاب
- الذّكرَياتِ، ولنْ تَكُونِي
قصيدة: كيف كان؟
- تَسَاءَلتْ في حَنَان
- عَن حُبّنا، كيفَ كَانْ؟
- حرِائِقًًا في ثَوَانْ
- صِرنَا ضِياءً وصِرْنَا
- فالنَّاسُ لوأبصَرَنَا
- قَالُوا: دُخان الدُّخانْ
- وأَينَ هَذا المَكَانْ؟
- هَل كَانَ جِذْعًا عتِيقًا
- أمْ كَانَ مَنزِلَ رَاعٍ
- مُسَربلًا بالأَغَانْ ؟
- فَأصْبَحْت مهرَجانْ
- فحيْثُ رَفَتْ خُطَانا
- وحيثُ سَالَ شَذانَا
- وتفَتّحتْ وردَتَانْ
- كُنّا لهُ شمعَدَانْ
- نُهديهِ حتّى كَأنَّا
- فحيثُ رَفتْ خُطانَا
- تفَتَّقتْ نجْمتَانْ
- فحيْثُ رَفَتْ خُطَانا
- وحيثُ سَالَ شَذانَا
- ويَعرِفُ الليلُ أنّا
- كُنّا لهُ شمعَدَانْ
- نُهديهِ حتّى كَأنَّا
- لليلِ غَمّازتانْ
قصيدة: ألا تجلسين قليلا
- ألَا تجْلسيْنَ قَليلًا
- ألا تَجْلسين؟
- فإنّ القَضيَّةَ أكْبَر مِنْكِ وأكْبَر مِنّي
- ومَا كَانَ بينِي وبينك
- لَم يَكُ نَقْشًا عَلى وجْهِ مَاءٍ
- ولكِنّه كَانَ شيْئًا كَبيرًا كَبيرًا
- كَهذِي السَّماءِ
- فكَيفَ بلَحْظَة ضعْفٍ
- نُريدُ اغتيَالَ السماءِ؟
- ألا تَجْلسينَ لخَمسِ دقَائِقَ أًخرَى؟
- ففي القَلْبِ شَيءٌ كَثيرٌ
- وحُزْنٌ كثيرٌ
- وليسَ من السَّهْل قَتلُ العَواطِف فِي لَحَظاتٍ
- وإلقَاءُ حُبّك في سَلّة المُهمَلاتِ
- فإنّ تُراثًا مِنَ الحُبّ والشِّعْر والحُزنِ
- والخُبزِ والمِلْحِ والتّبغِ والذّكْريَاتِ
- يُحاصِرُنا منْ جَميعِ الجِّهاتِ
- فليتَكِ تفتَكرينَ قليلًا بِمَا تفعَلينَ
- فإنَّ القَضيَّة
- أكْبَر مِنْكِ وأكْبَر مِنّي
- كَما تَعْلمينَ
- ولكِنّني أشعُرُ الآن أنّ التَّشنُّج ليسَ عِلاجًا
- لِما نَحْنُ فيه
- وأنَّ الحَمَامةَ ليسَتْ طَريقَ اليَقينْ
- وأنّ الشؤونَ الصَّغيرةَ بينِي وبينَك
- ليسَتْ تَمُوتُ بتلكَ السُّهولَة
- وأنَّ المَشَاعِر لا تَتَبدّل مِثلَ الثيابِ الجَميلَة
- أنَا لا أُحاوِلُ تغيير رأيَكِ
- إنّ القَرارَ قَرارُكِ طَبعًا
- ولكنّنِي أشْعُرُ الآن أنّ جُذورَكِ تمتَدُّ في القَلبْ،
- ذَاتَ الشّمَال، وذَاتَ اليَمينْ
- فكيفَ نفُكّ حِصارَ العَصافيرِ، والبَحرِ،
- والصّيفِ، واليَاسَمينْ؟
- وكَيفَ نقُصّ بثانيَتَينْ
- شَريطًا غَزَلنَاه في عَشَراتِ السّنينْ؟
- سَأسْكُبُ كأسًا لنَفسِي
- وأنْتِ؟
- تذَكّرتُ أنّكِ لا تشرَبينْ
- أنا لسْتُ ضِدّ رحيلكِ لكِنْ
- أُفكّر أنّ السّماء ملُبَّدةٌ بالغِيومِ
- وأخشَى عليكِ سقُوطَ المَطَر
- فَماذا يُضيرُكِ لو تَجلسيْن
- لحينَ انقِطَاعِ المَطَرْ؟
- وما يُضيرُكِ
- لَو تَضعينَ قَليلاً منَ الكُحلِ فوقَ جُفُونِكِ؟
- أنتِ بكَيْتِ كثيرًا
- ومَا زالَ وجْهُكِ رُغمَ اختِلاطِ دُموعكِ بالكُحْل
- مثلَ القَمرْ
- أنا لسْتُ ضِدّ رحيلكِ
- لكِنْ
- لَدَيّ اقتِراحٌ بأنْ نَقْرأَ الآنَ شيْئًا منَ الشِّعْر
- عَلّ قَليلاً مِنَ الشّعرِ يُكَسّر هذا الضَجَرْ
- تقُولينَ إنّكِ لا تُعْجبينَ بشِعرِي
- سَأقْبَلُ هذا التّحدّي الجَديدْ
- بكُلّ بُرودٍ وكُلّ صَفاءْ
- وأذْكُرُ
- كَم كُنتِ تحْتفليْنَ بشِعْري
- وتحْتَضنينَ حُروفِي صَبَاح مَسَاءْ
- وأضْحَكُ
- من نَزَواتِ النّساءْ
- فلَيْتكِ سيّدتي تَجلِسينْ
- فإنّ القَضيَّةَ أكْبَر مِنْكِ وأكْبَر مِنّي
- كَما تَعْلمينْ
- أما زِلتِ غَضبَى؟
- إذَنْ سَامِحينِي
- فأنْتِ حَبيبةُ قلبِي عَلى أيِّ حَالْ
- سَأفرِضُ أنّي تَصَرّفتُ مثلَ جميعِ الرّجالْ
- ببَعضِ الخُشُونَة
- وبعضِ الغُرورْ
- فَهَلْ ذاك يَكفِي لقَطْعِ جَميعِ الجُسُورْ؟
- وإحرَاقِ كُلّ الشجَرْ
- أنَا لا أُحاوِلُ ردّ القَضَاءِ ورَدّ القَدرْ
- ولكِنّني أشعُر الآنْ
- أنّ اقتِلاَعكِ مِنْ عَصَبِ القَلبِ صَعْبٌ
- وإعدَامُ حُبّكِ صَعْبٌ
- وعشْقُكِ صَعْبٌ
- وكُرهُكِ صَعْبٌ
- وقتْلُكِ حُلمٌ بَعيدُ المَنَالْ
- فلَا تُعلِني الحَربَ
- إنّ الجَميلاتِ لا تَحْتَرِفْنَ القِتالْ
- ولا تُطلِقي النّارَ ذاتَ اليَمينِ،
- وذاتَ الشِّمالْ
- ففي آخِرِ الأمْرِ
- لا تَستَطيعِي اغتِيالَ جَميع الرّجالْ
- لا تَستَطيعِي اغتِيالَ جَميع الرّجالْ
قصيدة: ساعي البريد
- أغْلَى العُطورِ، أُريدُهَا
- أزْهَى الثّيابِْ
- فإذَا أطَلَّ بَريدُها
- بعْدَ اغتِرابْ
- وطَوَيتُ في صَدرِي الخِطَابْ
- عَمّرَتُ في ظَنّي القِبابْ
- وأمَرتُ أن يُسقَى المَسَاءُ
- معِي الشّرابْ
- ووهَبْتُ لليْلِ النّجومَ
- بِلا حِسابِ بِلا حِسابْ
- أنَا عنْد شبّاكِي الذي
- يَمْتَصّ أورِدَةَ الغِيابْ
- وشُجَيرَةُ النَارِنج
- يابِسَةٌ
- مُضيّعَةٌ الشّبابْ
- ومُوزِّع الأشْوَاقِ
- يتْركُ فَرحَةً في كُلّ بَابْ
- خُطوَاتُه
- في أرْضِ شَارِعنا
- حَديثٌ مُستَطابْ
- وحقيبَةُ الآمَالِ
- تعبِقُ بالتحاريرِ الرِّطابْ
- هذَا غِلافِي القُرمُزيّ
- يكَادُ يلتِهبُ التِهَابْ
- وأكَادُ ألتَهمُ النّقابَ الفُستُقيّ
- ولا نِقَابْ
- أنا قَبلَ أنْ كَانَ الجّوابُ
- طيبَانِ لِي طِيبَ الحُروفِ
- وطِيبَ كاتِبَة الكِتابْ
- خَطٌ
- مِنَ الضُوء النّحيتِ
- فكُلّ فَاصِلَةٍ شِهابْ
- هذا غِلافِي لا أشُكّ
- يَرفّ مَجروحَ العِتَابْ
- عُنوانُ منزِلنا المُغمّس بالسَّحابْ
- عُنوانُنا
- عندَ النُّجومِ الحافِياتِ
- على الهِضَابْ
- يا أنتَ
- يا سَاعِي البَريدِ
- ببابِنَا، هَلْ مِن خِطَابْ؟
- ويُقَهقِهُ الرَّجُل العَجوزُ
- ويخْتَفي بينَ الشِّعابْ
- مَاذا يقولُ؟ يقُولُ:
- ليسَ لسيِّدي إلا التُرَابْ
- إلا حُروفٌ مِنْ ضَبابْ
- أينَ الحقيبَة؟
- أينَ عُنوانِي؟
- سَرابٌ في سَرابْ.
قصيدة: لحمها وأظافرها
- لا تقُولِي: أرَادَتِ الأقدَار
- إنّكِ اختَرتِ، والحَياةُ اختيَارْ
- اذْهَبي اذْهَبي إليهِ فَبعدِي
- لنْ تَعيشِي الدّفلَى، ولا الجِلِنّارْ
- بِعتِ شِعرِي بِحَفْنَة مِنْ حِجَارْ
- أخْبِرينِي، هلْ أسْعَدتكِ الحِجَارْ؟
- وظنَنْتِ السّرابَ، جَنَّة عَدْنِ
- حيْنَ لا جنَّةً ولا أنْهَارْ
- لا تقُولِي: خَسِرتُ أيّامَ عُمرِي
- هَكَذا هكَذا يَكُونُ القِمارْ
- كنتُ في معْصَميكِ إسْوارَ شَعرٍ
- وعَلى الدرْبِ ضاعَ مِنكِ السّوارْ
- أو هذا الذي انتهيت إليه؟
- مَجدُكِ الآنَ قنبٌ وغُبارْ
- كنْتِ سُلطانَةَ النِّساءِ جَميعًا
- ولَكِ الأرضُ كُلُّها، والبِحَارْ
- ثُمّ أصبَحْتِ، يَا شَقيَّة، بَعدِي
- رَبْوَةٌ لا تزُورُها الأَمْطارْ
- شَاِمتٌ شَامِتٌ أنا بِكِ جدًّا
- لا يُريحُ المَقتُولُ إلا الثّأرْ
- إنّني منكِ لا أُريدُ اعتِذَارًا
- ما تُفيدُ الدُّموعَ والأَعْذارْ؟
- ما بِوسْعِي أنْ أفعَلَ الآن شيئًا
- كُلّ ما حولَنَا دَمارٌ دَمارْ
- مَا بوسعِي إنقَاذُ وجْهٍ جَميلٍ
- أكَلَتْه مِن جَانِبَيْه النّار
- وسَهْلٌ على النسَاءِ الفِرارْ
- فلِمَاذا تَبكينَ مَلِكًا مُضاعًا؟
- أنّكِ اختَرتِ، والحَياةُ اختيَارْ
- أنّكِ اختَرتِ، والحَياةُ اختيَارْ
قصيدة: غرفة
- يا غُرفَةٌ جَميعُ ما
- فِيهَا نَسيْقُ حَالِمْ
- تَروِي الهَوى جُدرَانُها
- والنّورَ والنَّسائِمَ
- أشْيَاؤكِ الأُنثَى بِهَا
- نَثيرَةٌ تُزاحِمْ
- فدَوْرَقُ العَبيرِ يبْكِي
- والوِشَاحُ واجِمْ
- وعِقْدكِ التَّريكُ
- أشْجَاهُ الحنيْنُ الدّائِمْ
- وذلِك السِّوارُ يبكِي
- حُبَّنا والخَاتمْ
- في الرُّكنِ مِنديْلٌ يُنادينِي
- شَفيْفٌ فَاغِمْ
- مَا زَالَ في خُيوطِه
- منْكِ عَبيرٌ هائِمْ
- وتلكَ أثوابُ الهَوَى
- مَواسِمٌ مَواسِمْ
- هَذا قَميْصٌ أحَمر
- كالنّار لا يُقاوِمْ
- وثَمَّ ثوبٌ فاقعٌ
- وثَمّ ثَوبٌ قاتِمْ
- تُذكِي جَحيمِي صُورَةٌ
- تَلُفّها البِراعِمْ
- وأنتِ مِنْ ورائِهَا
- هَدبٌ ووجْهٌ نَاعِمْ
- ومبْسَمٌ مُلمْلَمٌ
- يُحارُ فيهِ الرّاسِمْ
- كأنّما أنتِ هُنا
- طَيفٌ وصَوْتٌ نَاغِمْ
- أنتِ التي في جانِبِي
- أمِ الإطَارُ الوَاهِمْ؟
- سمْرَاءُ يا سَمْراءُ بِي
- إليكِ شَوقٌ ظَالِمْ
- عُودِي على ضَفاِئر الَغيمِ
- اللّقاء القَادِمْ
- لا تترُكينِي لَمْ يَكُنْ
- لَولَاكِ هَذا الَعالَمْ
لقراءءة المزيد من أشعار نزار قبّاني، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أبيات شعر نزار قباني عن الحب.
المراجع[+]
- ↑ "نهر الأحزان"، نزار قباني، اطّلع عليه بتاريخ 07/01/2021.
- ↑ "أسألك الرحيلا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 07/01/2021.