أبو القاسم الشابي والطفولة

للطفولة أغانيها وأهازيجها العذبة ، وللطفولة شعرائها الذين ما جهلوا حقيقتها فنفثوا فيها من روح الشعر ما يطرب كل سامع وما يحرك كل ذاكرة بلحظاتها المفعمة بالبراءة ...من هنا يا أحبائي سنرصد أجمل قصائد الطفولة وأغانيها وقد اخترت لكم هذه الرائعة لأبي القاسم الشابي وعليكم امتاعنا بقصائد أخرى في الطفولة
الطفــــــــــــولة
-1-

للـه ما أحلى الطفولة إنها حلم الحـــــــــيــــــــاة

عـهد كمعسـول الرؤى مـا بين أجنحة السبات...

ترنو إلى الدنيا و ما فيها بعين بـــــــــــــــــاسمة

وتسير في عدوات واديها بعين حــــــــــــالمة...

-2-
إن الطفـــــــــــــولة زهرة تهتزّ في قلب الربيع

ريّانة من ريّق الأنداء فــــــــــــي الفجر الوديع

غنت لهـــــــــــا الدنيا أغاني حبها و حبورهــا

فتأوّدت نشوى بأحلام الحياة و نورهـــــــــــــا

-3-

إنّ الطّفولة حقبة شعرية بشعورهـــــــــــــــــا،

و دموعها ،و سرورها،و طموحها،و غرورها

لم تمش في دنيا الكآبة،و التعاسة،و العـــــذاب

فترى على أضوائها ما في الحقيبة من كــتاب





"]كم من عهود عذبة في عدوة الوادي النضير
كانت أرق من الزهور ، و من أغاريد الطيور
و ألذ من سحر الصبا في بسمة الطفل الغرير
أيام كانت للحياة حلاوة الروض المطير
و طهارة الموج الجميل ، و سحر شاطئه المنير
و وداعة العصفور ، بين جداول الماء النمير
أيام لم نعرف من الدنيا سوى مرح السرور
و بناء أكواخ الطفولة تحت أعشاش الطيور
نبني فتهدمها الرياح ، فلا نضجّ و لا نثور
و نعود نضحك للمروج و للزنابق و الغدير
و نظل نركض خلف أسراب الفراش المستطير
ونشيد في الأفق المنور من أمانينا قصور
أزهى من الشفق الجميل و رونق المرج الخضير
و نظل نقفز ، أو نغني ، أو نثرثر ، أو ندور
لا نسأم اللهو الجميل ، و ليس يدركنا الفتور”
وسيماً من الأطفال لولاه لم أخف = على الشيب أن أنأى و أن أتغربا

تود النجوم الزهر لو أنها دمى = ليختار منها المترفات ويلعبا

وعندي كنوز ٌ من حنان ورحمة = نعيمي أن يغرى بهنّ وينهبا

يجور وبعض الجور حلو محبب = ولم أرى قبل الطفل ظلماً محببا

ويغضب أحيانا ويرضى وحسبنا = من الصفو أن يرضى علينا ويغضبا

و إن ناله سقم تمنيت أنني = فداءً له كنت السقيم المعذبا

ويوجز فيما يشتهي و كأنه = بإيجازه دلاً أعاد و أسهبا

يزف لنا الأعياد عيداً إذا خطا = وعيداً إذا ناغى وعيداً إذا حبا

كزغب القطا لو أنه راح صادياً = سكبت له عيني وقلبي ليشربا

وأوثر أن يروى ويشبع ناعماً = و أظمأ في النعمى عليه وأسغبا

ينام على أشواق قلبي بمهده = حريراً من الوشي اليماني مذهبا

وأسدل أجفاني غطاء يُظله = و يا ليتها كانت أحنّ و أحدبا

وحملني أن أقبل الضيم صابراً = وأرغب تحناناً عليه و أرهبا

وتخفق في قلبي قلوب عديدة = لقد كان شِعبا واحداً فتشعبا

ويارب من أجل الطفولة وحدها = أفض بركات السلم شرقاً ومغربا

وصن ضحكة الأطفال يارب إنها = إذا غردت في موحش الرمل أعشبا

ويارب حبب كل طفل فلا يرى = وإن لج في الإعنات وجهاً مقطبا

وهيىء له في كل قلب صبابةً = وفي كل لقيا مرحباً ثم مرحبا