ولا يخفى على من درس تاريخ الكويت الدور المؤثر للكويت في مساعدة الدولة العثمانية على استعادة سيطرتها على محافظة الأحساء عام 1871 م، ودور والي بغداد العثماني مدحت باشا. في هذه الحملة وعلاقته القوية بالكويت لا تخفى. ما هو دورها في ربط الكويت بالدولة العثمانية أحمد شفيق وهو الاسم الحقيقي لمدحت باشا، ولد في اسطنبول عام 1822 م ونشأ في بلغاريا حيث كان والده قاضيا في عدد من مقاطعاتها، وظهرت نجابة مدحت باشا منذ سنواته الأولى. . كما برع في الخط والكتابة مما ساعده على العمل ككاتب في مجلس الصدر الأعظم عندما لم يكن قد بلغ العشرين من عمره. ثم انتقل إلى هذه الوظيفة في عدة أماكن بالدولة وتفوق في مراقبة الملامح والميزانيات، فأصبح مشهوراً لدى الحكومة. بعد ذلك سافر مدحت باشا إلى فرنسا، حيث تعلم الفرنسية في ستة أشهر لأهمية هذه اللغة في ذلك الوقت، ثم عاد بعدها إلى أستانا. بعد ذلك، أصبح واليًا لعدة ولايات في البلاد، مثل نيش – لوفجة – بغداد وحلب. أجرى العديد من الإصلاحات الهامة في هذه الدول. ثم تولى منصب الوزير الأعظم مرتين حتى تمت إزالته أخيرًا عام 1879 م، وحوكم بقرار من السلطان عبد الحميد الثاني بتهمة التورط في اغتيال عمه السلطان عبد العزيز وحكم عليه بالإعدام، ولكن وخفف الحكم المؤبد ونفي إلى الطائف حيث توفي في ظروف غامضة عام 1884 م. يعتبر مدحت باشا من أشهر المصلحين العثمانيين الذين تبنوا فكرة الإصلاح على الشرح طريقة الأوروبية ولقب “أبو الدستور” و “أبو الأحرار”، حيث سعى لإعلان الدستور العثماني و ظهور البرلمان العثماني عام 1876. ما يهمنا في حياته هو علاقته بالكويت عندما كان والي بغداد (1869-1872 م). تعرف مدحت باشا على الكويت وكتب عددا من المعلومات المهمة عن الكويت رغم بساطتها. وتحدث عن موقعها الجغرافي وطبيعة سكانها وهندستها المعمارية، ووعي حكمها بعد ذلك ارتباطها بالدولة العثمانية. كما أثبتت استقلال الكويت وحب شعبها للحرية والاستقلال، وأثبتت وجود نظام الشورى فيها، وشبه طبيعة الحكم في الكويت بالنظام الجمهوري. كما لفت مدحت باشا الانتباه إلى أهم دور تاريخي لعبته الكويت في دعم الحملة العثمانية على الأحساء عام 1871 م، والتي شاركت فيها الكويت بشكل كبير، حيث قدمت الحملة من خلال السفن والإمدادات وغيرها. وأشاد مدحت باشا بالكويت ودورها في نجاح الحملة. ولهذا نصح مدحت باشا الحكومة العثمانية بمنح حاكم الكويت الشيخ عبد الله بن صباح (1866-1892 م) مع مجموعة من الرجال الكويتيين أوسمة وميداليات عثمانية. وبعد انتهاء الحملة دخل مدحت باشا الكويت والتقى بأهلها حيث أشاد كثيرا بأخلاقهم ونظافة بلادهم وأكد حرص الكويتيين على تطبيق الشريعة الإسلامية وحرصهم على استتباب الأمن في مدينتهم وهو ما يفعله. لا تتطلب إرسال جنود إليها، خاصة بعد قبول الكويتيين بالسيادة الاسمية للدولة العثمانية ورفعوا العلم العثماني في مدينة الكويت وسفنهم.